.:: جدول الدروس العلمية بغرفة التوحيد ::.

جدول الدروس العلمية بغرفة التوحيد السلفية

تنبيه: سوف يكون استئناف الدروس بداية العام الهجري الجديد إن شاء الله تعالى
الأيـــــــــــــــــــام السبت الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة
المدارســـــــــــة التوحيد الحديث النحو الحديث أصول الفقه ------- الآداب
الكتـــــــــــــــــاب الأصول الثلاثة الأربعون النووية المقدمة الآجرومية البيقونية متن الورقات منظومة الآداب
المصنـــــــــــــف محمد بن عبد الوهاب الإمام النووي محمد بن آجروم البيقوني الجويني حافظ الحكمي
               
اسمه ونسبه
هو الشيخ العلامة المحدث ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي . من قبيلة المداخلة المشهورة في منطقة جازان بجنوب المملكة العربية السعودية ، وهي من إحدى قبائل بني شبيل و شبيل هو ابن يشجب ابن قحطان.
مولده
ولد بقرية الجرادية وهي قرية صغيرة غربي مدينة صامطة بقرابة ثلاثة كيلومترات وقد اتصلت بها الآن ، وكان مولده عام 1351 هـ في آخره وقد توفي والده بعد ولادته بسنة ونصف تقريباً فنشأ وترعرع في حجر أمه ، رحمها الله تعالى فأشرفت عليه وقامت بتربيته خير قيام ، وعلمته الأخلاق الحميدة من الصدق والأمانة وحثه على الصلاة و تتعاهده عليها ، مع إشراف عمه عليه.
نشأته العلمية
لما وصل الشيخ إلى سن الثامنة التحق بحلق التعليم في القرية وتعلم الخط والقراءة وممن تعلم عليه الخط الشيخ شيبان العريشي وكذلك القاضي أحمد بن محمد جابر المدخلي ، وعلى يد شخص ثالث يدعى محمد بن حسين مكي من مدينة صبياء . وقرأ القرآن على الشيخ محمد بن محمد جابر المدخلي كما قرأ عليه التوحيد والتجويد وقرأ بالمدرسة السلفية بمدينة صامطه بعد ذلك .
وممن قرأ عليهم بها : الشيخ العالم الفقيه : ناصر خلوفة طياش مباركي ـ رحمه الله ـ عالم مشهور من كبار طلبة الشيخ القرعاوي ـ رحمه الله ـ ودرس عليه بلوغ المرام ونزهة النظر للحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ .
ثم التحق بعد ذلك بالمعهد العلمي بصامطة ودرس به على عدد من المشايخ الأجلاء ومن أشهرهم على الإطلاق الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي العلامة المشهور رحمه الله تعالى ، وعلى أخيه صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن أحمد الحكمي ، وكما درس به أيضاً على يد الشيخ العلامة المحدث أحمد بن يحي النجمي _حفظه الله _ ودرس فيه أيضاً على الشيخ العلامة الدكتور محمد أمان بن علي الجامي ـ رحمه الله ـ في العقيدة.
وكذلك درس أيضاً على الشيخ الفقيه محمد صغير خميسي في الفقة _ زاد المستقنع _ ، وغيرهم كثير ممن درس عليهم الشيخ في العربية والأدب والبلاغة والعروض ، وفي عام 1380 هـ وفي نهايته بالتحديد تخرج من المعهد العلمي بمدينة صامطة وفي مطلع العام 1381 هـ التحق بكلية الشريعة بالرياض واستمر بها مدة شهر أو شهر ونصف أو شهرين ، ثم فتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ، فانتقل إلى المدينة والتحق بالجامعة الإسلامية بكلية الشريعة ودرس بها مدة أربع سنوات وتخرج منها عام 1384هـ بتقدير ممتاز .
وممن درس عليهم الشيخ بالجامعة الإسلامية:
  • سماحة الشيخ العلامة المفتي العام للملكة العربية السعودية : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ وكانت دراسته عليه العقيدة الطحاوية .
  • صاحب الفضيلة العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني _ رحمه الله _ في الحديث والأسانيد.
  • صاحب الفضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد ودرس عليه الفقه ثلاث سنوات في بداية المجتهد.
  • صاحب الفضيلة الشيخ العلامة الحافظ المفسر المحدث الأصولي النحوي اللغوي الفقيه البارع محمد الأمين الشنقيطي _ صاحب أضواء البيان _ درس عليه في التفسير وأصول الفقه مدة أربع سنوات .
  • الشيخ صالح العراقي في العقيدة .
  • الشيخ المحدث عبد الغفار حسن الهندي في علم الحديث والمصطلح.
وبعد تخرجه عمل مدرساً بالمعهد بالجامعة الإسلامية مدةً ، ثم التحق بعد ذلك بالدراسات العليا وواصل دراسته وحصل على درجة " الماجستير " في الحديث من جامعة الملك عبدالعزبز فرع مكة عام 1397 هـ برسالته المشهورة " بين الإمامين مسلم والدار قطني "، وفي عام 1400 هـ حصل على الدكتوراه من جامعة الملك عبدالعزيز أيضاً بتقدير ممتاز بتحقيقه لكتاب " النكت على كتاب ابن الصلاح " للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ثم عاد بعد ذلك للجامعة يعمل بها مدرساً بكلية الحديث الشريف ، يدرِّس الحديث وعلومه بأنواعها وترأس قسم السنة بالدراسات العليا مرارا وهو الآن برتبة " أستاذ كرسي " متعه الله بالصحة والعافية في حسن العمل.
صفاته وأخلاقه
يمتاز الشيخ حفظه الله تعالى بالتواضع الجم مع إخوانه وطلابه وقاصديه وزواره وهو متواضع في مسكنه وملبسه ومركبه ، لا يحب الترفه في ذلك كله ، وهو أيضاً دائم البِشر ، طلق المحيا ، لا يمل جليسه من حديثه ، مجالسه عامرة بقراءة الحديث والسنة ، والتحذير من البدع وأهلها كثيراً ، حتى يخيل لمن يراه ولم يعرفه ويخالطه أنه لاشغل له إلا هذا ، يحب طلبة العلم السلفيين ويكرمهم ويحسن إليهم ويسعى في قضاء حوائجهم بقدر ما يستطيع بنفسه وماله ، وبيته مفتوح لطلبة العلم دائماً حتى إنه لايكاد في يوم من الأيام يتناول فطوره أو غداءه أو عشاءه بمفرده ويتفقد طلبته ويواسيهم . وهو من الدعاة الغيورين على الكتاب والسنة وعقيدة السلف يمتلئ غيرة وحرقة على السنة والعقيدة السلفية قل نظيره في هذا العصر وهو من المدافعين في زماننا هذا عن نهج السلف الصالح ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً من غير أن تأخذه في الله لومة لائم.
مؤلفاته
هي كثيرة ولله الحمد وقد طرق الشيخ _ حفظه الله _ أبواباً طالما دعت إليها الحاجة خصوصاً في الرد على أهل البدع والأهواء في هذا الزمان الذي كثر فيه المفسدون وقل فيه المصلحون ، ومؤلفاته هي:
  1. بين الإمامين مسلم والدار قطني " مجلد كبير وهو رسالة الماجستير.
  2. النكت على كتاب ابن الصلاح " مطبوع في جزئين وهو رسالة الدكتوراه .
  3. تحقيق كتاب المدخل إلى الصحيح " للحاكم طبع الجزء الأول منه.
  4. تحقيق كتاب التوسل والوسيلة " للإمام ابن تيمية - مجلد.
  5. منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل .
  6. منهج أهل السنة في نقد الرجال و الكتب و الطوائف .
  7. "تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بين واقع المحدثين ومغالطات المتعصبين " رد على عبد الفتاح أبو غدة ومحمد عوامه.
  8. كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها.
  9. صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة بغير المسلمين.
  10. مكانة أهل الحديث .
  11. منهج الإمام مسلم في ترتيب صحيحه .
  12. أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية ـ حوار مع سلمـــان العودة ـ .
  13. مذكرة في الحديث النبوي .
  14. أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره.
  15. مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
  16. العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم .
  17. " الحد الفاصل بين الحق والباطل " حوار مع بكر أبو زيد .
  18. مجازفات الحداد .
  19. المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء .
  20. " جماعة واحدة لا جماعات و صراط واحد لا عشرات " حوار مع عبد الرحمن عبد الخالق .
  21. النصر العزيز على الرد الوجيز .
  22. التعصب الذميم وآثاره . عني به سالم العجمي .
  23. بيان فساد المعيار ، حوار مع حزبي متستر .
  24. التنكيل بما في توضيح المليباري من الأباطيل .
  25. دحض أباطيل موسى الدويش .
  26. إزهاق أباطيل عبداللطيف باشميل .
  27. انقضاض الشهب السلفية على أوكار عدنان الخلفية .
  28. النصيحة هي المسؤولية المشتركة في العمل الدعوي . ( طبع ضمن مجلة التوعية الإسلامية ) .
  29. الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا . ( ضمن مجلة الجامعة الإسلامية العدد السادس عشر ) .
  30. حكم الإسلام في من سبَّ رسول الله أو طعن في شمول رسالته . ( مقال نشر في جريدة القبس الكويتية ) العدد ( 8576 ) بتاريخ ( 9/5/ 1997 ).
وللشيخ كتب أخرى سوى ما ذكر هنا وقد جمع أسماءها ونبذة عنها الأخ خالد بن ضحوي الظفيري في كتابه "ثبت مؤلفات الشيخ ربيع بن هادي المدخلي" وتجده في أسفل صفحة الترجمة من موقع الشيخ ربيع.
نسأل الله تعالى أن يعينه على إتمام مسيرة الخير وأن يوفقه لما يحبه و يرضاه إنه ولي ذلك والقادر عليه. 



نقلاً عن موقع الشيخ ربيع حفظه الله 

إقرأ المزيد Résuméabuiyad

المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية

إقرأ المزيد Résuméabuiyad

تنبيه المرأة المسلمة لبعض الأمور المهمة

بسم الله الرحْمن الرحيم
إنَّ الحمد لله؛ نَحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ مُحمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَـٰتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ (آل عمران:102), يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء:1), يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (الأحزاب:71),... أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى, وخيرَ الهدي هديُ مُحمدٍ  , وشرَّ الأمور مُحدثاتُها, وكلَّ مُحدثة بدعة, وكلَّ بدعة ضلالة, وكلَّ ضلالة في النَّار.
وهذه مَجموعة من الأخطاء التي يقع فيها كثير من النساء المسلمات هداهن الله بسبب جهل الكثير منهن بأمور دينهن. وهذه الأخطاء كثيرة ومتعددة منها ما هو شرك ومنها ما هو بدعة ومنها ما هو معصية صريِحة, يشتركن في بعضها مع الرجال الذين قلَّ حظهم في العلم الشرعي.
تَحريت جَمعها فيما علمته مِمَّا عند كثيرٍ من النساء هداهن الله وردهنَّ للحق رداً جَميلاً وزينهن بالطهر والعفاف, وحبب إليهنَّ الإيِمان وزيَّنه في قلوبِهنَّ, وكره إليهنَّ الكفر والفسوق والعصيان, وجعلهنَّ من الراشدات. وهي كما يلي:
أولاً: مُخالفات في العقيدة:
1. عدم عناية كثير من النساء المسلمات بأمور التوحيد والإهْمال في تعلمها مع العلم أنَّ التوحيد أساس الدين عند الله تبارك وتعالى؛ والله تبارك يقول: وَمَا خَلَقْتُ ﭐلْجِنَّ وَﭐلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (الذاريات:56).
2. إتيان السحرة والكهان والمشعوذين والعرافين والمنجمين, فإذا أصيبت إحداهنَّ بالسحر أو المس أو العين مثلاً هرعت إلى السحرة والمشعوذين لطلب العلاج, وهذا كفر, فإن صدقت الساحر فيما يقول فهذا كفر, فقد أخرج مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي  وهي حفصة كما ذكر المخرجون عن النبي  قال: «مَنْ أَتَىٰ عَرَّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يَوْماً».
كما أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن النبي  : «مَنْ أتَىٰ عَرَّافاً أَوْ كَاهِناً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ».
كما روى البزار بإسنادٍ جيدٍ عن عمران بن حصين  مرفوعاً: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ, أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ, أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ, وَمَنْ أَتَىٰ كَاهِناً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ».
وأخرج أحْمدُ في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي موسى  قال: قال رسول الله  : «ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ ﭐلْجَنَةَ؛ مُدْمِنُ ﭐلْخَمْرِ, وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ, وَقَاطِعُ ﭐلرَّحِمِ».
فهذه النصوص وغيرها كثير؛ جاءت صريِحة بالوعيد لِمن صدق السحرة والعرافين والكهان والمنجمين والمشعوذين بالكفر, ومن جاءهم وسألَهم فقط دون أن يصدقهم فلا يقبل الله تبارك وتعالى منه صلاة أربعين يوماً عياذاً بالله. ومن هنا نعلم خطأ من أفتى بِجواز حلِّ السحر بسحر مثله, وأنه قاصر النظر كائناً من كان وتوعزه الأدلة, فيكون قوله من أبطل الباطل.
3. الإعراض عن دين الله تبارك وتعالى لا يتعلمنهُ ولا يعملن به؛ وعلى وجه الخصوص ما يتعلَّقُ بفقه النساء, وقد قال النبي  : «طَلَبُ ﭐلْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَىٰ كُلِّ مُسْلِمٍ».
4. إعراض كثير من النساء عن سنة النبي  وعدم معرفة المنهج السلفي واتباعه على الفهم الصحيح, والتهافت والتساقط إلى متابعة قادة الحركات الحزبية والحرص على متابعتهم والقراءة لَهم وسَماع أشرطتهم وتنشئة أبنائهم وبناتِهم على الفكر الحزبي المبتدع.
5. زيارة القبور عند بعض النساء هداهن الله, وشدُّ الرحال لَها, وخاصة قبر رسول الله  , وقد جاء الوعيد الشديد باللعن لِمن فعلت هذا الأمر؛ فقد أخرج الإمام أحْمد في مسنده عن النبي  قال: «لَعَنَ ﭐللَّهُ زَوَّارَاتِ ﭐلْقُبُورِ».
6. السفر إلى دول الكفر بدون مَحرم بِحجة الدراسة أو حتى مع مَحرم, فتمضي سنوات عديدة. أو السفر للسياحة أو قضاء ما يعرف بشهر العسل.
والسفر إلى دول الكفر بدون مسوغ شرعي أمر لا يَجوز.
7. استهزاء كثير من النساء بأخواتِهن الملتزمات من المسلمات والسخرية بِهنَّ أو بِحجابِهنَّ وعفافهنَّ؛ أو التهكم بِهنَّ في محافظتهنَّ على فرائض الله تبارك وتعالى, وهَمزهنَّ ولَمزهنَّ في المجالس, والله تبارك وتعالى يقول: يَٰأَيُّهَا ﭐلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالأَلْقَابِ بِئْسَ ﭐلاِسْمُ ﭐلْفُسُوقُ بَعْدَ ﭐلإيِمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ﭐلظَّـٰلِمُونَ (الحجرات:11), وهنَّ مع ذلك يتناسينَ أنَّهنَّ بِهذا الصنيع يقعنَ في ناقض من نواض الإسلام؛ إذا كنَّ يستهزئنَ بِهنَّ لتمسكهنَّ بدينهنَّ ومنه الحجاب, والله تبارك وتعالى يقول: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إيِمَـٰنِكُمْ (التوبة:66,65).
ثانياً: مُخالفات في أركان الإسلام:
1. تعمد تأخير الصلاة عن الوقت المحدد لَها وهذا أمر خطير للغاية؛ فقد يفرط كثير من النساء هداهن الله في الثواب العظيم الذي رتبه الله تبارك وتعالى على أداء الصلاة على وقتها, فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: سَأَلْتُ ﭐلنَّبِيَ  : «أَيُّ ﭐلأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَىٰ ﭐللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: «ﭐلصَّلاَةُ عَلَىٰ وَقْتِهَا», قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ ﭐلْوَالِدَيْنِ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ﭐلْجِهَادُ فِي سَبِيلِ ﭐللَّهِ» قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ ﭐللَّهِ  , وَلَوِ ﭐسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي».
كما روى ابن حبان في صحيحه عن رسول الله  قال: «إِذَا صَلَّتِ ﭐلْمَرْأَةُ خَمْسَهَا, وَصَامَتْ شَهْرَهَا, وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا, وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا, قِيلَ لَهَا: ﭐدْخُلِي مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ ﭐلْجَنَّةِ شِئْتِ».
2. إهْمال كثير من النساء هداهنَّ الله لقضاء الصلاة التي طهرت في وقتها بسبب حيض أو نفاس طهرت منه وتطهرت, فالواجب عليها القضاء مادامت أنَّها طهرت ولا تزال في وقتها.
3. عدم مبالاة كثير من النساء لإخراج زكاة المال والحلي التي يَملكها النساء إذا حال عليها الحول وبلغ النصاب, متناسين قول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (التوبة:35,34).
4. سكوت كثير من النساء هداهنَّ الله عن أزواجهم وأولادهم الذين يفرطون في حق الله تبارك وتعالى؛ كالتهاون في أداء الصلاة أو عدم صوم رمضان والإعراض عن قراءة المصحف وهكذا, وعدم مناصحتهم.
5. عدم اهتمام كثير من الأمهات هداهنَّ الله بِمتابعة بناتِهنَّ وتوجيههنَّ التوجيه الصحيح؛ لأنَّ المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها؛ من تربية بناتِها التربية الصحيحة السليمة, فترى الأم إذا بلغت ابنتها لا توجهها ولا تعلمها ولا تَهتم بِها, ولا تأمرها بالصلاة ولا بالصيام, ولا تعلمها أمور طهارتِها, وبقية فرائضها, فقد أخرج الخمسة إلاَّ النسائي وصححه ابن خزيْمة, وصححه الألباني -رحِمه الله- على شرط مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي  قال: «لاَ يَقْبَلُ ﭐللَّهُ صَلاَةَ حَائِضٍ إِلاَّ بِخِمَارٍ», ومعنى حائض في الحديث أي البنت التي بلغت.
6. وقوع كثير من النساء هداهنَّ الله في كثير من بدع الحج والعمرة كاتْخاذ لبس معينٍ, وكثير من المخالفات في الحج والعمرة؛ أو الوقوع في مَحظور من مَحظورات الإحرام, وماذا إلاَّ لعدم اهتمامهنَّ بتعلم كيفية الحج والعمرة الصحيحة, والتقصير في السؤال, فترى إحداهنَّ تقع في أمر من هذه الأمور ولا تبالي هل وافقت السنة أم خالفت.
ثالثاً: مُخالفات في الزينة واللباس:
1. عدم الالتزام بالحجاب الشرعي الصحيح, والله تبارك وتعالى يقول: يَٰأَيُّهَا ﭐلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ﭐلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ﭐللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (الأحزاب:59).
2. التوسع في مظاهر العبايات والنقاب والبرقع واللثام بأشكال داعية إلى الفتنة الصريِحة التي تلفت أنظار الرجال إلى النساء وتغري بينهم تزيين المنكر عياذاً بالله, فإمَّا أن تكون كثيرة الشفافية تظهر وجه المرأة وجَمالَها وما عليه من زينة بكل وضوح, أو أنَّ فتحات العينين واسعة تظهر كثيراً من وجه المرأة, ومثل هذه الألبسة يَجب على المرأة المسلمة العفيفة اجتناب لبسها حرصاً على عدم افتتان الرجال بِها.
3. الخروج من البيت متبرجة إلى الأسواق لغير حاجة سوى التسكع وفتنة عباد الله؛ والله تبارك وتعالى قد أمرها بالمكوث في بيتها ونَهاها عن التبرج؛ فقال جل من قائل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ﭐلْجَاهِلِيَّةِ ﭐلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ﭐلصَّلاَةَ وَءَاتِينَ ﭐلزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ ﭐللَّهَ وَرَسُولَهُ (الأحزاب:33), ومن التبرج كشف الوجه؛ وإبداء النحر, ولبس الملابس الضيقة والملابس القصيرة والملابس الشفافة ولبس لباس الكافرات تشبهاً بِهنَّ, كالملابس التي تبدي ظهرها أو تبدي كثيراً من صدرها.
5. حرص كثير من النساء هداهنَّ الله على موضات الملابس ومساحيق التجميل وهي ما تعرف عند النساء بالمكياج والتسريِحات والعطورات والمجلات المتخصصة بِهذه الأمور التافهة التي يتلقفها نساء المسلمين من الكافرات التي تَحمل المرأة المسلمة على التكشف وهتك سترها وعفافها الذي جَملها الله به.
6. وقوع كثير من نساء المسلمين في المعاصي والكبائر التي رتَّبَ عليها النبي  اللعن كالتنميص والوشر والوصل والوشم وغيرها من هذه المعاصي, فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن مسعود  قال: «لَعَنَ ﭐللَّهُ ﭐلْوَاشِمَاتِ وَﭐلْمُتَوَشِمَاتِ, وَﭐلْمُتَنَمِّصَاتِ, وَﭐلْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ, ﭐلْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ ﭐللَّهِ», فبلغ ذلكَ امرأةً من بني أسد يقال لَها أمَّ يعقوب, فجاءت فقالت: إنَّه بلغني أنَّك لعنتَ كيت وكيت؛ فقال: «وَمَا لِيَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ ﭐللَّهِ  , وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ ﭐللَّهِ؟!, فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ ﭐللَوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ!, فَقَالَ: لَئِنْ قَرَأْتِهِ لَقَدْ وَجَدْتِهِ, أَمَا قَرَأْتِ وَمَا ءَاتَاكُمُ ﭐلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ؟ (الحشر:7), قَالَتْ: بَلَىٰ, قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَىٰ عَنْهُ, قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَىٰ أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ, قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي, فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ؛ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئاً, فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكِ مَا جَامَعْتُهَا.
7. حرص كثير من النساء هداهنَّ الله على إخفاء الشيب الذي يظهر عليهنَّ بالسواد الذي نَهى عنه النبي  ورتَّبَ عليه الوعيد الشديد لِمن فعله, بدل استعمال الحناء أو الكتم, فقد روى أبو داود والنسائي عن النبي  قال: «يَكُونُ فِي آخِرِ ﭐلزَّمَانِ قَوْمٌ يَخْضُبُونَ بِالسَّوَادِ؛ كَحَوَاصِلِ ﭐلْحَمَامِ, لاَ يَريِحُونَ رَائِحَةَ ﭐلْجَنَّةِ».
8. وقوع كثير من النساء هداهنَّ الله في مُخالفة خصلة من خصال الفطرة بإطالة أظافرهِنَّ, مِمَّا يثير التقزز والاشْمئزاز منهنَّ, ثُمَّ يطلينها بِما يعرف لديهنَّ بالمناكير.
9. تشبه بعضٍ من النساء بالرجال في اللبس والمشية والكلام, حتى أنَّك لتجد المرأة مسترجلة في كل شيء, فروى أبو داود عن النبي  قال: «لَعَنَ ﭐللَّهُ ﭐلرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ ﭐلْمَرْأَةِ, وَﭐلْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ ﭐلرَّجُلِ», كما روى أيضاً عنه  قال: «لَعَنَ ﭐللَّهُ ﭐلرَّجُلَةَ مِنَ ﭐلنِّسَاءِ».
رابعاً: مُخالفات داخل الأسرة والحياة الزوجية والأعراس:
1. مُحاربة تعدد الزوجات, وجعل من أتى بزوجة ثانية أو ثالثة خائناً لزوجته. ومن كانت على هذا الفكر فعليها أن تعرض نفسها على كتاب الله وعلى سنة رسول الله  فما وجدته في كتاب الله وفي سنة رسوله  فعليها أن تقف عنده وأن تقول سَمعنا وأطعنا ولتتذكر قول ربِها تبارك وتعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ﭐلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَىٰ ﭐللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ ﭐلْمُفْلِحُونَ (النور:51).
2. مُخالفة الزوج وعصيانه والرد عليه ورفع الصوت عليه؛ ونكران معروفه وكفرانه وكثرة الشكوى منه, وفي هذا وعيد شديد في حق من باتت وزوجها ساخطٌ عليها؛ فقد أخرج الترمذي عن أبي أمامة  أنَّ رسولَ الله  قال: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ آذانَهُمْ: ﭐلْعَبْدُ ﭐلآبِقُ حَتَّىٰ يَرْجِعَ, وَﭐمْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ, وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ».
كما أخرج أيضاً عن أبي هريرة  عن النبي  قال: «لَوْ كُنْتُ آمِراً أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ, لأَمَرْتُ ﭐلْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا».
وقد أمر النبي  المرأة بطاعة زوجها وخاصة إذا دعاها لِحاجته, فقد أخرج الترمذي عن طلق بن علي قال: قال رسول الله  : «إِذَا دَعَا ﭐلرَّجُلُ زَوْجَتَه لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ؛ وَإِنْ كَانَتْ عَلَىٰ ﭐلتَّنُورِ». ورتَّبَ  الجزاء العظيم الحسن على هذا, كما أخرج الترمذي عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله  : «أَيُّمَا ﭐمْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ, دَخَلَتِ ﭐلْجَنَّةَ».
ولتسمعي أيتها المرأة المسلمة إلى هذا الحديث الذي أخرجه النسائي عن عمة حصين بن مُحصن قالت: «أَتَيْتُ رَسُولَ ﭐللَّهِ  فِي بَعْضِ ﭐلْحَاجَةِ, فَقَالَ: أَيْ هَذِه! أَذَاتُ بَعْلٍ؟, قُلْتُ: نَعَم, قَالَ: كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟, قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجِزْتُ عَنْهُ, قَالَ: أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ».
وما أعظم أجر من حرصت ألاَّ تنام إلاَّ وقد رضي عنها زوجها حتى وإن كان زوجها هو المخطئ في حقها, وإن كانت هي المظلومة, فقد أخرج الطبراني, أنَّ النبي  قال: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ ﭐلْجَنَةِ؟ ﭐلْوَدُودُ ﭐلْوَلُودُ, ﭐلْعَؤُودُ, ﭐلَّتِي إِذَا ظُلِمَتْ قَالَتْ: هَذِي يَدِي فِي يَدِكَ, لاَ أَذُوقُ غَمْضاً حَتَّىٰ تَرْضَىٰ».
3. إرغام بعضٍ من الزوجات المسلمات أزواجهنَّ على تَحديد النسل بعد مولودين أو ثلاثة بأن تأخذَ الزوجة الإبر أو الحبوب أو العقاقير التي تَمنع من الحمل مُجدداً, وهذا مُحرَّمٌ شرعاً, ومُخالف لأمر النبي  حيث قال: «تَزَوَّجُواْ ﭐلْوَدُودَ ﭐلْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ», ولو أنَّها تَجعلُ لنفسها وقتاً معيناً ليس بالطويل عُرفاً بين كلِّ حَملٍ والذي بعده فلا بأس في هذا إن شاء الله تعالى.
4. طلب بعضٍ من نساء المسلمين هداهنَّ الله الطلاق من أزواجهنَّ من غير سبب شرعي, والنبي  يقول: «أَيُّمَا ﭐمْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا ﭐلطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ, فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ ﭐلْجَنَّةِ».
5. تصرف المرأة في مال زوجها من دون علمه, كأن تأخذ فوق حاجتها وحاجة أولادها وحاجة المنْزل دون علمه, وهذا مُخالف لِمَا رخص به النبي  لِهند بنت عتبة رضي الله عنها لَمَّا جاءت شاكية للنبي  حاجتها وحاجة عيالِها, فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ ﭐللَّهِ  : إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرّاً؟. قَالَ: «خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ».
والشحيح هو البخيل مع الحرص, والجناح المقصود منه الإثْم, وقولُها (سِرّاً) أي دون علمه وإذنه, وأمَّا قوله  (بالمعروف) أي حسب عادة الناس في نفقة أمثالك وأمثال أولادك.
أو تتصدق من ماله دون علمه ودون إذنه لَها وتظن نفسها مأجورة على هذا الفعل, بينما الأمر على العكس تَماماً, فلا يَحل للزوجة التصرف في مال زوجها بشيء إلاَّ فيما أذن لَها فيه أو أقرها عليه.
6. إقدام كثير من النساء المسلمات هداهنَّ الله على صيام التطوع دون استئذان أزواجهنَّ رغبة منهنَّ في الأجر والثواب, في حين أنَّهنَّ يَجهلن النهي عن هذا من النبي  دون إذن أزواجهن, كما أنَّهنَّ يدخلنَ من لا يعلم أزواجهنَّ بِهم عليها في البيت كالجارة والصديقة, وغيرهن, كما قال  : «لاَ يَحِلُ لامْرَأَةٍ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ, أَوْ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ».
7. إدخال بعضٍ من نساء المسلمين هداهنَّ الله لبعض أقاربِهنَّ من غير مَحارمهنَّ كأبناء الأعمام وأبناء الأخوال وأزواج الأخوات بِحجة الزيارة وبِحجة أنَّهم في مقام إخوانِهنَّ وهذا باطل صريح, فقد قال النبي  : «إِيَّاكُمْ وَﭐلدُّخُولُ عَلَىٰ ﭐلنِّسَاءِ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ ﭐلأَنْصَارِ: أَفَرَأَيْتَ ﭐلْحَمُو يَا رَسُولَ ﭐللَّهِ؟, قَالَ: ﭐلْحَمُو ﭐلْمَوْتُ», وقال الله تبارك وتعالى: وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ﭐلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ﭐلإِرْبَةِ مِنَ ﭐلرِّجَالِ أَوِ ﭐلطِّفْلِ ﭐلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ ﭐلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَىٰ ﭐللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا ﭐلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (النور:31).
8. خروج المرأة من بيت زوجها بدون علم زوجها وبدون استئذانه, إمَّا لبيت أمها أو إلى بيت جارتِها أو صديقتها أو إلى بعض حاجتها.
9. إثقال كاهل الزوج بالطلبات التي لا حاجة إليها, والتي تَستَنْزِفه أموالاً كثيرة, وهذا راجع إلى جشع الزوجة وعدم قناعتها بِما يسر الله لَها ولزوجها من الرزق.
10. تنفير الرجل الخاطب بالطلبات التي هي أقرب للجنون, والتي هي رُبَّما تكون سبباً في صرف الخاطب عنها, كطلب الفساتين والأثواب التي تكون باهضة الثمن والتي ربَّما لا تلبسها إلاَّ مرة واحدة, أو طلب الكوافيرات أو مزينات ومصففات ومسرحات الشعر اللاتي يُسرحن الشعر على طريقة الكافرات مع وصل الشعر بِخصل من الشعر المستعار أو ما يعرف بالباروكات, أو طلب المغنيات الفاجرات ليغنين لَها وللحضور في حفل الزواج, وقرع الطبول وما يرافقها من الأغاني والأهازيج المحتوية على الكلمات الخليعة الفاحشة السمجة. ولا تفلح من استهلت حياتَها الزوجية بِمعصية الله تبارك وتعالى.
11. إدخال المرأة لزوجها ليتصور معها فيما يعرف عند الكثير من الناس بالكوشة مع إخوانه وأبناء عمومته أحياناً وبِحضور أقارب الزوج وأقارب الزوجة, وهذا لا يَجهل ذو عقل ما فيه من الاختلاط المحرم, وما فيه من الدخول على أعراض المسلمين ومَحارمهم, فلا تتحرك غيرة للزوج على زوجته ولا على مَحارمه من أم وأخوات, ولا على نساء المسلمين اللاتي يدخلون عليهنَّ.
أضيفي إلى هذا أيتها المسلمة العفيفة ما يقع من نظر الزوج على غير زوجته من النساء اللاتي ربَّما أنَّهنَّ يفقن زوجته حسناً وجَمالاً, وحسب الشيطان بِهذا فرحاً.
12. وقوع بعضٍ من النساء في وصف جاراتِهن أو صديقاتِهن أو أي امرأة كانت, أمام أزواجهن أو إخوانِهنَّ كأنَّهم يشاهدونَهنَّ عياناً؛ دون مسوغٍ شرعي لِهذا كأن يريد الأخ خطبة امرأة فيطلب من أخته أو أمه الذهاب لتنظر إليها.
وهذا خطأ نَهى عنه النبي  النساء من الوقوع فيه, لِمَا له من إدخال الفتنة بقلب الزوج أو الأخ بِهذه المرأة الموصوفة, فقال  : «لاَ تُبَاشِرِ ﭐلْمَرْأَةُ فَتَصِفَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا».
13. تَحدث بعضٍ من النساء هداهنَّ الله بِما يقع بينَهنَّ وبين أزواجهن من أسرار وأمور, خاصة أمور العشرة والفراش, عند صديقاتِهنَّ أو جاراتِهنَّ, ومثل هذه المرأة مَمقوتة لأنَّها تفشي سرَّ زوجها بعد أنَّ أفضى إليها فتتحدث به بين النساء, أو ما يَحصل بينها وبينه من خلافات وأمور عائلية فتهرع إلى أمها شاكية ولربَّما حرضتها أمها على تنغيص معيشة زوجها خاصة إذا كانت الزوجة وأمها من خفيفات العقول.
14. تأخير كثير من الفتيات المسلمات الزواج برهة من الزمن وعدم الرغبة فيه بِحجة أنَّه يُعيقهنَّ عن الدراسة والتحصيل العلمي كما يزعمن, ورُبَّما وجدت المرأة نفسها بعد ذلك كبيرة في السنِّ لا يرغب فيها الخطاب بسبب كبر سنِّها, وترى أخواتِها وقريباتِها وصويْحباتِها وقد تزوجن وأنْجبن الذرية بإذن الله, وهي متندمة على ما أضاعت من عمرها ولا تَجد من يرغب بِها لكبر سنِّها فالمرأة إذا تعدت الثلاثين قلَّ أن تَجد من يرغب في خطبتها.
15. قبول المرأة المسلمة ذات الدين بالخاطب الفاسق العاصي والتارك للصلاة نظراً لِمركزه الاجتماعي أو لوظيفته المرموقة أو شهادته العالية أو لكونه ذا مال.
16. الغلو في طلب المهر بِما لا يقبله عقلٌ ولا يقره عرفٌ, وقد بَيَّنَ النبي  أن أكثر النساء بركة أقلهنَّ مؤونة.
17. الوقوع في البدع المحدثة في الأفراح والأعراس من تلبيس الدبل وما يعرف بالشبكة, وما يعرف بالتشريعة أو الميل أو فستان الفرح كما يسميه البعض, وهو عبارة عن لباس أبيض طويل باهض الثمن, وهو من فعل النصارى عند عقدهم الزواج في كنائسهم.
خامساً: مُخالفات السفر والخلوة والاختلاط:
1. خروج بعض النساء المسلمات هداهنَّ الله متعطرات متطيبات أو متبخرات؛ ومرورها على الرجال ليشموا عطرها أو طيبها عند الخروج, وهذا لا شك أنَّه من المنكرات التي يتهاون بِها كثير من المسلمات.
وقد أخرج أبو داود والنسائي أنَّ النبي  قال: «أَيُّمَا ﭐمْرَأَةٍ ﭐسْتَعْطَرَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ؛ فَمَرَّتْ عَلَىٰ قَوْمٍ لِيَجِدُواْ ريِحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ».
2. تَهاون بعضٍ من نساء المسلمين بِخطورة الركوب مع السائقين الأجانب منفردين والاختلاء بِهنَّ, سواء أكان سائق أجرة أم سائق المنْزِل, وقد يصلُ الأمر إلى درجة أن تكشف وجهها أمامه ولا تبالي, وهذه لا شَكَ أنَّها خلوة مُحرمة شرعاً, فقد قال النبي  : «لاَ يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ», متفقٌ عليه.
3. خروج كثير من نساء المسلمين إلى الأسواق لغير حاجة ضرورية, ولكن لِمجرد هواية التسوق, وهذا فَخٌ نصبه الشيطان للمرأة حتى تقع في حبائل الساقطين والتافهين ويقعوا هم أيضاً في حبائلها فيغري كلٌّ منهما الآخر, فلا تَجد المرأةُ نزهتها إلاَّ في الأسواق التي هي أبغض البقاع إلى الله, حيث نصب الشيطان رايته وباض بِها وفرَّخ, فتأخذ في الكلام وتعطي مع البائعين وأصحاب الأسواق والعاملين, ومشاغل الخياطة وحقاً إنِّها لَمشاغل حيث أنَّها أشغلت إماء الله عن بيوتِهنَّ والقرار بِها, خلافاً لأمر الله تبارك وتعالى حيث قال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ﭐلْجَاهِلِيَّةِ ﭐلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ﭐلصَّلاَةَ وَءَاتِينَ ﭐلزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (الأحزاب:33), والنبي  يقول: «ﭐلْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ ﭐسْتَشْرَفَهَا ﭐلشَّيْطَانُ».
4. سفر كثير من نساء المسلمين هداهنَّ الله؛ من دون مَحرم, مُخالفات أمر الله تبارك وتعالى وأمر رسوله  ؛ فقد قال النبي  : «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَﭐلْيَوْمِ ﭐلآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا».
5. خروج المرأة المسلمة للعمل من غير حاجة لَها سوى الترويِح عن النفس وقضاء وقت الفراغ كما يزعم كثير من النساء, وهذا باطل, لأنَّ المرأة بِهذا الصنيع تعرض نفسها للاختلاط ومزاحَمة الرجال, دون تستر, مع تقصيرها في حقوق زوجها وحقوق بيتها وحقوق أولادها.
6. تساهل كثير من النساء بِمسائل الاختلاط الدراسي الذي يَحصل في الجامعات والمدارس.
سادساً: مُخالفات في حقوق الوالدين وإضاعة الوقت فيما لا ينفع:
1. عقوق كثير من النساء هداهنَّ الله لوالديهنَّ؛ برفع الأصوات وعدم احترامهما, والتذمر من خدمتهما وإطاعتهما, والله تبارك وتعالى يقول: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَٰنًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ﭐلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَّلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَريِمًا (الإسراء:23), وكذلك نَجد بعض الأخوات هداهنَّ الله إذا طلبن منهنَّ أمهاتُهنَّ المساعدة في الأعمال المنْزِلية تَمنَّعْنَ من ذلك؛ وهذه صورة جلية من صور العقوق, بينما نَجدهنَّ يقضين الساعات الطوال في غرف الانترنت في القيل والقال دون ملل.
2. قضاء كثير من النساء أكثر أوقاتِهنَّ في مَجالس القيل والقال مع صديقاتِهن, والغيبة والنميمة والهمز واللمز, والقول على الله بلا علم, وعدم استغلال الأوقات فيما يعود عليهنَّ بالنفع والفائدة.
3. عدم التزود من الطاعات والقربات عند الله تبارك وتعالى, كقيام الليل والوتر, أو صلاة الضحى, أو صلاة العيدين, أو السنن الرواتب وعدم المحافظة عليها.
4. إطلاق البصر والسمع واللسان فيما حرَّم الله, من مسلسلات هابطة وأفلام خليعة, وأغاني ساقطة, وأناشيد تُمرضُ القلب وتشغله عن ذكر الله وقراءة القرآن وحفظه, يقول الله تبارك وتعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ (النور:31), ويقول تبارك وتعالى: إِنَّ ﭐلسَّمْعَ وَﭐلْبَصَرَ وَﭐلْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (الإسراء:36).
5. وقوع كثير من النساء في صورة مشتهرة من صور الربا؛ وما ذلك إلاَّ لِجهلهنَّ بِحقيقة الربا, حيث أنَّه قد جرت عادة كثير من النساء على تبديل الذهب المعد للزينة واللبس, فيذهبنَ لِمحلات بيع الذهب ويقمن ببيع ما معهنَّ من ذهب لصاحب الْمحل ثُمَّ بعد ذلك يقمن بالشراء الذهب الجديد من صاحب المحل نفسه مع دفع الفارق للذهب الجديد الذي اشترينه.
وهذا عين الربا كما قال النبي  لبلال  , فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري  قال: «جَاءَ بِلاَلٌ إِلَىٰ ﭐلنَّبِيِّ  بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ, فَقَالَ: لَهُ ﭐلنَّبِيُّ  : مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدِي تَمْرٌ رَدِيءٌ؛ فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِنُطْعِمَ ﭐلنَّبِيَّ  , فَقَالَ ﭐلنَّبِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ: أَوَّهْ؛ أَوَّهْ, عَيْنُ ﭐلرِّبَا, لاَ تَفْعَلْ, وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ ﭐلتَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ, ثُمَّ ﭐشْتَرِ بِهِ».
فينبغي عليهنَّ أن يقبضنَ ثَمن ذهبهنَّ المبيع بأيديِهنَّ, ثُمَّ يشترينَ ما شِئْنَ بعد ذلك من ذهب جديد, والأفضل لو اشترَيْنَ من مَحلٍ آخر غير المحل الذي بِعنَ عليه خروجاً من الشبهة.
6. اتصاف بعض المسلمات بالكبر عياذاً بالله على قريناتِهنَّ, أو على الخطَّاب الأكفاء الذين يُرضى دينهم وأخلاقهم؛ ويرغبون في نكاحهنَّ, بسبب كثرة مالٍ, أو حسن وجَمالٍ وهبَهنَّ الله, أو حسب ونسب, فقد روى مسلمٌ أنَّ النبي  قال: «لاَ يَدْخُلُ ﭐلْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ».
7. اتِّخاذ كثير من النساء صديقات وصويْحبات سوء, يكنَّ سبباً لتساهلها فيما فرض الله عليها من صلاة وصيام وخلافها من أمور دينها, أو يكنَّ سبباً في أن تفرط في أغلى ما تَملك؛ شرفها وعفتها وكرامتها, وإيقاعها في الرذيلة والفاحشة عياذاً بالله.
8. فشو ظاهرة الإعجاب المحرَّم بين النساء عياذاً بالله, الذي قد يصل إلى درجة العشق حتى تتعلق المرأة بالمرأة وتُحاكيها في كل شيء؛ اللبس والمشية وطريقة الكلام, ولا تستطيع التخلص من هذا العشق الشيطاني الخالي من الحب في الله ولله, وهذا لا شك أنَّه من تعلق القلب بغير الله تبارك وتعالى وخلوه من التعلق بالله, وقد يكون سبباً إلى معصية الله تبارك وتعالى والوقوع معها في المعصية.

وأخيراً؛ فإني أسأل الله تبارك وتعالى أن يَحفظ نساء المسلمين من كل سوء ومكروه, وأن يَهدِيَهُنَّ للتي هي أقوم, وأن يُحبب إليهنَّ الإيِمان وأن يزينه في قلوبِهنَّ, وأن يكره إليهنَّ الكفر والفسوق والعصيان وأن يَجعلهنَّ من الراشدات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالَمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه أجْمعين.

كتبه الفقير لفضل ربه العلي القدير
أبو حَمود هادي بن قادري بن حسين مُحَجَّب
27/10/1430هـ
إقرأ المزيد Résuméabuiyad

تخريج حديث الرؤيا التي عبرتها أم المؤمنين عند الدارمي

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نَحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن مُحمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ (آل عمران:102), يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (النساء:1), يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً
(الأحزاب:71),... أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله, وخيرَ الهدي هديُ مُحمد  , وشرَّ الأمور
مُحدثاتُها, وكلَّ مُحدثة بدعة, وكلَّ بدعة في ضلالة, وكلَّ ضلالة في النَّار.
فهذا تخريج لحديث أم المؤمنين في تعبير رؤيا المرأة التي جاءت تسألها عن تعبير رؤياها.
قال الدارمي رحمه الله:
أخبرنا عبيدُ بنُ يعيشَ حدّثَنَا يونُسُ هو ابنُ بكيرٍ، أخبرنا ابنُ إسحقَ عن محمدِ بنِ عمروِ بنِ عطاءٍ، عنْ سليمانَ بنِ يسارٍ، عن عائشةَ زوجِ النبيّ  قالَتْ: كانتِ ٱمرأةٌ منْ أهلِ المدينةِ لَهَا زوجٌ تاجرٌ يختلفُ، فكانَتْ ترَى رؤيَا كلما غابَ عَنْهَا زوجُهَا، وقلَّمَا يغيبُ إلاَّ تركَهَا حاملاً، فتأتي رسولَ اللهِ  فتقولُ إنَّ زوجي خرجَ تاجراً فتركني حاملاً، فرأيتُ فيما يرَى النائمُ أنَّ ساريةَ بيتي انكسَرَتْ وإني ولدتُ غلاماً أعورَ، فقالَ رسولُ اللهِ  خيرٌ، يرجعُ زوجُكِ عليكِ إنْ شاءَ الله ُتعالىٰ صالحاً، وتلدين غلاماً برّاً، فكانَتْ تراها مرتينِ أو ثلاثاً، كل ذلكَ تأتي رسولَ اللهِ  فيقولُ ذلكَ لَهَا فيرجعُ زوجُهَا وتلدُ غلاماً، فجاءتْ يوماً كما كانَتْ تأتيهِ ورسولُ اللهِ  غائبٌ، وقد رأتْ تلكَ الرؤيا فقلْتُ لَهَا عمَّ تسألينَ رسولَ اللهِ  يا أمةَ اللهِ، فقالَتْ رؤيَا كنتُ أراهَا فآتي رسولَ اللهِ  فأسأله عنْهَا فيقولُ خيراً فيكونُ كما قالَ، فقلتُ: فأخبريني ما هيَ قالَتْ حتَّى يأتيَ رسولُ اللهِ  فأعرضُهَا عليهِ كما كنتُ أعرضُ، فواللهِ ما تركتُهَا حتَّى أخبرتني، فقلتُ: واللهِ لئنْ صدقَتْ رؤياكِ ليموتُنَّ زوجُكِ وتلدينَ غلاماً فاجراً، فقعدَتْ تبكي وقالَتْ مالي حينَ عرضتُ عليكِ رؤيايَ فدخَلَ رسولُ اللهِ  وهيَ تبكي فقالَ لَهَا: «ما لَهَا يا عائشةَ» فأخبرتُهُ الخبرَ وما تأولتُ لَهَا، فقالَ رسولُ اللهِ  : «مهْ يا عائشةَ إذا عبرتُم للمسلمِ الرؤيا فاعبروهَا علَى الخيرِ فإن الرؤيا تكون على ما يعبُرها صاحبُهَا». فماتَ واللهِ زوجُهَا ولاَ أُراهَا
إلاَّ ولدَتْ غلاماً فاجراً.
هذا الحديث في سنده (( عبيد بن يعيش المحاملي )) أبو محمد الكوفي العطَّار, ثقة من صغار العاشرة مات سنة ثَمان وعشرين أو بعدها بسنة, ذكره ابن حجر في
التقريب (1/546) ترجمة رقم (1584).
وفيه أيضاً (( يونس بن بكير بن واصل الشيباني, أبو بكر الجمَّال الكوفي, يخطئ,
من التاسعة مات سنة تسع وتسعين, انظر التقريب (2/384) ترجمة رقم (472).
وفيه أيضاً (( ابن إسحاق وهو محمد بن إسحاق بن يسار, أبو بكر المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق, إمام المغازي صدوق يدلس, رمي بالتشيع والقدر, من صغار الخامسة, مات سنة خمسين ومائة, ويقال بعدها. انظر التقريب (2/144)
ترجمة رقم (40).
وفيه أيضاً (( محمد بن عمرو بن عطاء القرشي العامري, ثقة من الثالثة, مات في
حدود العشرين.
قال أبو زُرعة، وأبو حاتِم، والنَّسائِي: ثقة.
زادَ أبو حاتِم: صالحُ الحديث.
وقال عبد الرَّحمٰن بن أبي الزِّناد عن أبيه: حدثني محمد بن عَمرو بن عطاء القُرَشِيُّ،
وكان امرىء صِدْقٍ.
وقال بن سَعْد: كانت له هَيْئة ومُروءة، وكانوا يَتَحَدَّثون بالمدينة في حياته أنَّ الخلافة تُفْضي إليه لهيئَتِهِ ومُروءته وعَقْلِهِ وكَمَاله، ولقيَ ابنَ عباس وغيرَهُ من أصحاب
رسول الله، وتوفي في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان ثقة، وله أحاديث.
انظر التقريب (2/196) ترجمة رقم (582), وانظر تهذيب الكمال.
وفي السند أيضاً: (( سليمان بن يسار الهلالي المدني مولى ميمونة زوج النبي , أخو عطاء بن يسار, ثقة فاضل, أحد الفقهاء السبعة, من كبار الثالثة, مات بعد
المائة.
قال الزُّهري: كان من العُلماء.
وقال مالك: كان سُلَيمان بنُ يَسار من عُلماء الناس بعد سعيد بن المُسَيِّب، وكان
كثيراً ما يوافق سعيداً، وكان سعيدٌ لا يُجْتَرأ عليه.


أبو حَمود هادي بن قادري بن حسين مَحجب
جازان - مدينة صامطة حرسها الله
2 / 7 / 1429 هـ
إقرأ المزيد Résuméabuiyad

طوق الأكاليل في زهوق الأباطيل ويليه الرد الجري على المفتري المجتري

طوق الأكاليل في زهوق الأباطيل
إنَّ الحمد لله نَحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن مُحمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم تسليماً كثيراً.
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ (آل عمران:102), يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (النساء:1), يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (الأحزاب:71),... أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله, وخيرَ الهدي هديُ مُحمد  , وشرَّ الأمور
مُحدثاتُها, وكلَّ مُحدثة بدعة, وكلَّ بدعة في ضلالة, وكلَّ ضلالة في النَّار.
هذه بعض الفوائد التي جَمعتها من خطبةٍ لفضيلة الشيخ عبد الرحْمن السديس حفظه الله, التي حَثَّ فيها الناس وخاصة طلاب العلم على التآلف ونبذ الفرقة والكف عن كل مَا مِن شأنه التفريق بين المسلمين من غيبة وهَمز ولَمز وغمز لعلماء الأمة السلفيين, والذي دعاني إلى إبراز هذه الفوائد والتعقيب عليها وإن كنت لست بأهل لذلك ولكن من باب قوله تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ (الذاريات:55)؛ الذي دعاني لِهذا هو ما وصلنِي عن أحد الإخوة من الفهم الخاطىء المتعمَّد لِمَا جاء في هذه الخطبة المباركة؛ وإنزال ما جاء فيها على الأخوة السلفيين وخصَّ بالذكر (الطلاب), متناسياً أنَّه بصنيعه هذا؛ هو من وقع فيما حذر منه فضيلة الشيخ حفظه الله, وأقول لأخي هذا الذي راح يلصق التهم بإخوانه (الطلاب)؛ ويرميهم بأشنع الأكاذيب؛ ويصورهم بأبشع الصور؛ وكلامه عارٍ عن الصحة والحقيقة, ولا يَعْدُو عن كونه ضرباً من ضروب الزيف والخداع؛ وهو من أبطل الباطل, أقول له: إنَّ ما جاء في خطبة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله؛ لَهو حقٌّ لا غبار عليه ولا شَكَّ فيه ولا ريبة تعتريه؛ ولا امتراء فيه, لكنَّ فهمك السقيم وعقلك البليد وبعدك عن العلم والعلماء ومُجالستك لأهل الزيغ والضلال هو من أوحى إليك بِهذه التُّرَّهَاتِ, وحَطَّ في خلدك مثل هذه الأغلوطات؛ من أنَّ ما جاء في الخطبة لينطبق على (الطلاب)؛ وٱيْمُ الله فإنَّها لَمِنْ نسج خيالك وافتراءاتك على الإخوة هناك - الذين نَحسبهم والله حسيبهم ولا نزكيهم على الله أنَّهم من أهل الصلاح والتقوى, ومِمن عُرِفَ عنهم التمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالِح رضوان الله عليهم - وأعانك عليها قوم آخرون فهي تُملى عليك بكرةً وأصيلاً, وأكاد بي أُدْرِكُ غرض هذا الإفك والبهتان وهذه الأكاذيب والافتراءات التي رميتهم بِها, ولكنِّي أكلها وأكل أمرك إلى الله علام الغيوب, يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ (غافر:19), سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (النور:16). وإنَّي لأعجب لِمن يزعم انتسابه إلى السلفية وهو يُخالف طريق السلفيين وفهمهم, فيا لله من هكذا زعم وهكذا انتساب
وهكذا فهم.
فإليك أخي بعض ما ذكره فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله في خطبته؛ ولعلك تراجع نفسك فيما نسبته إلى الإخوة من أنه ينطبق عليهم؛ فتتوب إلى الله
وتستغفره, فأقول وبالله التوفيق وبه أستعين:
ذكر فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله في خطبته ما يلي:
1. الشريعة دعت إلى المحبة والإخاء.
2. الشريعة دعت إلى الاعتصام بالكتاب والسنَّة.
3. حسن الخلق.
4. الحذر من الوحشة والتنافر.
5. التطاول على مقامات الإخوة والعلماء.
6. الازدراء والتعيير والتشهير.
وأقول لك: مَنْ مِنَ الإخوة (الطلاب) دعا إلى تفريق الأمة أو نادى إلى شَقِّ صفها أو أراد زرع سُموم الفرقة والتباغض؟!, ومَنْ مِنْهُم هَوَّنَ من أمر الاعتصام بالكتاب والسنة؟!, أو مَنْ مِنْهُم رَأَيْتَ مِنْه خُلُقاً تكرهه بِخلاف ما يَجب أن يكون عليه طالب العلم من حسن أخلاق؟!؛ ولو فرضنا أنَّك رأيت مِنْ بعضهم خلقاً لا يتوافق وأخلاق طالب العلم؛ لِمَ لَمْ تعمد إلى النصيحة كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنَّ «ٱلدِّين ٱلنَّصِيحَةُ», وكما قال صلى الله عليه وسلم: «ٱنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً», بدل أن تُخالف أنت القاعدة بل وتكسرها وتقع فيما رميتهم به من حيث لا تعلم؟!, بل
إنَّه كما قيل: (رَمَتْنِي بِدَائِهَا وَانْسَلَّت).
وأي وحشة وتنافر تلك التي حذرت منها الشريعة؛ قد دعا إليها الإخوة, إلاَّ التنفير من أهل البدع وأنا على هذا من الشاهدين, وأسأل الله أن نكون للتحذير من أهل البدع من الفاعلين, وٱيْمُ الله إني قد كنت لألْحَظُ علامات التمعر والانزعاج بادية على وجهك كلما ذكر الإخوة بدعة حزبي بغيض أو مبتدع ضال, مِمن تكن لَهم الاحترام وتراهم قدوة لك, وكان حَرِيٌّ بك أن تقتدي بِمن هم خَيْرٌ منهم اعتقاداً ومنهجاً وسيرة, من علماء الأمة الأعلام, كابن باز وابن عثيمين والألباني رحِمهم الله وغيرهم مِمَّن نَحا نَحو
السلف الصالِح رضوان الله عليهم؛ وانتهج نَهجهم.
إنَّ من قصدهم وعناهم فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله هم من كانوا على شاكلة من تُحب, وتَأْلَمُ للقدح فيهم أو جرحهم؛ من الحزبيين والخارجين على ولاة
الأمر وهم كذاك والله, يلمزون العلماء ويتطاولون عليهم ولا يَحترمون مقاماً لعالِم.
وإنَّك قد بَهتهم فيما زعمت من إطلاق هذا عليهم, من أنَّهم لا يَحترمون ولا يُجِلُّون عالِماً, وإنَّ من ترمي إلى وصفهم بالعلماء ما هم إلاَّ أهل بدع وضلالات تعرفهم
وتراهم قدوتك دون غيرهم من علماء الأمة الأفاضل, فبئست القدوة والمقتدي.
وإنَّ الجرح والقدح في أهل البدع ما صدر إلاَّ عن علماء أجلاء ومشايخ فضلاء نُكِنُّ
لَهم كُلَّ احترام وتقدير كفضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز, والشيخ ابن عثيمين, والشيخ الألباني, والشيخ عبد العزيز آل الشيخ, والشيخ صالِح اللحيدان, والشيخ صالِح الفوزان, والشيخ الغديان, والشيخ صالِح آل الشيخ, والشيخ ربيع المدخلي, والشيخ أحْمد النجمي, والشيخ زيد المدخلي - رحم الله من توفي وحفظ من لا يزال حياً -, وغيرهم مِمَّن يسير على منهج السلف الصالِح رضوان الله عليهم؛ من علماءنا الأجلاء ومشايِخنا الفضلاء, وأنَّ ما قالوه ما هو إلاَّ لبيان الحق ونصرة الدين, ونَحن إذ نكرر ما قالوه من القدح في أهل البدع؛ ما هو إلاَّ عمل ندين الله به ونبتغي به القربة إلى الله تبارك وتعالى,
ولا يدخل هذا فيما قاله الشيخ عبد الرحْمٰن السديس - حفظه الله- بِحال من الأحوال.
7- وقال فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله:
«وإنَّ الرَّزِيَّةَ لتعظم حين يكون ذلك على قصد الازدراء والتعيير, والسلب والتشهير, عبر قنوات سيارة, من صحف ومَجلات, وفضائيات وشبكات معلومات, بكل تَخَلٍّ عن التورع والتأثُّم, يقول صلى الله عليه وسلم مُحذراً ومتوعداً: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ ٱلإيِمَانُ قَلْبَهَ؛ لاَ تَغْتَابُواْ ٱلْمُسْلِمِينَ وَلاَ تَتَبَّعُواْ عَوْرَاتِهِمْ, فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ ٱلله ُعَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ ٱلله ُعَوْرَتَهُ يَفْضَحُهُ ٱلله ُوَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ» أخرجه أحْمد وأبو داود والترمذي, وقال الإمام أحْمد رحِمه الله: «ٱلْوَقِيعَةُ فِي أَهْلِ ٱلْعِلْمِ وَلاَ سِيَّمَا أَكَابِرَهُمْ مِنْ كَبَائِرِ ٱلذُّنُوبِ», وقال مالك بن دينار:«كَفَىٰ بِٱلْمَرْءِ شَرّاً أَنْ لاَ يَكُونَ صَالِحاً وَهُوَ
يَقَعُ فِي ٱلصَّالِحِينَ»إ.هـ.
أقول لك: ألاَ ترى أنَّ فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله قصد أولئك الحزبيين الذين يكيلون للعلماء الشتائم والسباب ويلمزونَهم بالألقاب النابية وما ذلك إلاَّ لاستهوانِهم واستخفافهم بالعلماء والحطِّ من مكانتهم, فمَنْ مِنَ الإخوة (الطلاب)- الذين رميتهم بِهذه الفرية الشنيعة -؛ مَنْ منهم قد فعل ما فعله أولئك الحزبيون الذين عناهم فضيلة الشيخ السديس حفظه الله؟!, فما أراك ترمي إلاَّ إلى كلامهم في أهل البدع الذين أنت مُتَأَسٍّ بِهم وتعرفهم كمعرفتك أنَّك ظَالِمٌ لنفسك باتِّهامك لإخوانك بِما هم برآء منه, وأقول لك بأنَّ الحديث الذي أورده فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله في الخطبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والذين عناهم  في الحديث بقوله: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ ٱلإيِمَانُ قَلْبَهَ» هم المنافقين؛ ولكنَّك أنت لَم تدرك من هم (المسلمون) الذين عناهم الرسول  في الحديث, لَم تدرك أنَّهم أهل السنة والجماعة الذين اتبعوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالِح رضوان الله عليهم وهم القرون المفضلة التي أخبر عنها رسول الله  ومن نَهَجَ نَهجهم؛ فهل مِن أهل البدع - الذين تَأْلَمُ لَهم إن جُرِحُوا - مَن هو على فهم السلف الصالِح بِجرحه لعلماء الأمَّة الربانيين؟! أو التهجم على ولاة الأمر؟!, وأنت تعلم تَمام العلم أنَّ القدح في أهل البدع لا يدخل فيما قاله فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله, بل أنَّ ما قاله لَهو منطبق على أهل البدع والضلال, وعلى أستاذك الظالِم لنفسه الذي هو أقرب مثال وأوضح صورة؛ فلو أنَّه حقيقةً يعنِي ما قاله فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس - حفظه الله - من التآخي والتآلف؛ لِمَ لاَ يَحضر مَجالس العلماء السلفيين الربانيين؟! ولِمَ لاَ يَحُثُّ الطلاب على حضور دروسهم والاستماع إليهم والأخذ عنهم بدلاً من تنفيرهم من العلماء وهم عن يَمينه ويساره وبين ظهرانيه؟!, وأنت تعلم علم اليقين أنَّه كل ما قدم إلى المنطقة (ناعق سوء) - كصاحب الخنفشار مثلاً؛ وغيره كثير - تَهافت عليه هو وأقرانه تَهافت الذباب على الجيف, وسارعوا إلى حشد الطلاب والزجِّ بِهم إلى الاستماع لِمحاضرات تافهة غالبُ ما يدور فيها النكت والفكاهات؛ والضحك والقهقهات, والقصص الفارغة -على عادة القُصَّاص- ولا يَخرج منها (طالب العلم) - زعموا- بأدنى فائدة علمية تذكر, بينما العلماء الربانيون والمعلمون السلفيون موجودون,
ولكنهم يَخافون مَجالسهم ويَحْذَرُون مُجَالَسَتَهُم.
ثُمَّ أين أنت من مَجالس العلماء السلفيين, يا من طعنت في خيرة طلابِهم وأبنائهم؟!,
أو ليست الطيور على أشكالِها تقع؟!, مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ؟! (القلم:36).
وإنِّي لأُذَكِّرُكَ بالأثر الذي أورده الشيخ السديس حفظه الله في خطبته هذه عن مالك
ابن دينار والذي ينطبق عليك تَماماً, إذ لو كنت صالِح المنهج مَا طَوَّعَتْ لك نفسك النيل من أعراض إخوانك السلفيين, ولصُنْتَ لسانك من الوقيعة في أعراض إخوانك, وإنَّه لشتَّانَ بين الوقيعة في أعراض العلماء والوقيعة في أعراض أهل البدع, فإخوانك عرفوا قدر العلماء الأكابر الأفاضل الأَجِلاَّء وحفظوا لَهم مقاماتِهم, وفَرَوْا بألسنتهم أهل البدع ونسأل الله أن يَجعلنا وإياهم مِمن يبتغون بِها القربة إليه تبارك وتعالى, بينما أنت على العكس تُجِلُّ أهل البدع وتقتدي بِهم وتَحترمهم بل وتكاد تنافح عنهم, وما أراك
إلاَّ قد فعلت بفريتك هذه على إخوانك وانتصرت لقدوتك ورموزك.
فمن تُراه أحق باللوم؟!؛ ومن هو أحق بأن يقال عنه ما قلته أنت عن إخوانك؟!, فاتق الله يا أخي وعد إلى رشدك. أَتُرَاهُم هم الذين يداهنون الحزبيين ويُجَالِسُونَ أهل الأهواء والبدع؟!؛ ألست أنت الذي نقلت عنهم هذا الإفك وهذا الباطل الذي لُقِّنْتَهُ منهم؟!. أمَا ترى أنَّك ظلمت نفسك مرات عديدة؟!؛ فظلمت نفسك بِمجالسة أهل البدع وأهل الأهواء والزيغ, وباستئناسك بِهم والنقل عنهم؛ وظلمت نفسك بقنطرتك لرؤوس الضلال ودفاعك عنهم؛ وظلمت نفسك بظلمك (للطلاب) وافتراءك عليهم بأنَّ كلَّ ما جاء في خطبة فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله هو ينطبق عليهم,
فسبحان الله العظيم!!.
ما هذا إلاَّ خداع وكذب وتزييف للواقع, وإنَّه لعذر أقبح من ذنب؛ إذ تُوهِمُ بأنَّك ما قصدت هذا من كلامك الذي رميت به الأبرياء. أفلم تكن تعلم بأنَّ الله مُخْرِجٌ ما تُكِنُّ نَفْسُكَ المريضة لَهم؛ ألاَ ترى أنَّ كلَّ ما جاء في خطبة الشيخ السديس هو واقعك أنت, حيث أنَّك تُجَالِسُ مرضى القلوب وتَرْكَنُ إليهم وتأخذ عنهم, وهم يعلمون تَمام العلم أنَّ ما قاله فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله لينطبق عليهم هم؛ فهم الذين يلمزون ويهمزون ويغمزون العلماء السلفيين الربانيين بل ويُحَذِّرُون من الاستماع إليهم أو حضور مَجَالِسِهم ومُحاضراتِهم ودروسهم؛ فبأي حقٍّ تُطَوِّعُ لك نَفْسُكَ أَن ترمِيَ الشرفاء النُزَهَاء بِما هم بريئون منه؟!. وأقول إنَّ مَنْ أعطاك تلك الخطبة لتوزعها إنَّما كان حقاً أراد به باطلاً ولكنَّ الله مظهرٌ ما في نفسه من أحقاد ودسائس يَحيكها هو ومن كان على شاكلته للسلفيين الثابتين على الحق - بإذن الله- الساطع سطوع الشمس في وضح النهار؛ الرافضين لِما هو عليه من الباطل الداحض الحجة, وٱيْم الله فلو كان من أهل الخير لَمَا قلب لك الحقائق التي يعلمها علم اليقين؛ ولَبَّسَ عليك الباطل حتى أزاغ بصرك وبصيرتك عن الحق وَجَرَّأَكَ على أن ترميَ إخوانك بِهذه التهمة التي إنَّمَا هي تطابق حال من أعطاك الشريط؛ والذي كان يرمي إليه هو الدفاع عن أهل السوء الذين يطعنون في العلماء وولاة الأمر؛ أولئك الذين يَمشون على قاعدة (وِحْدَةُ ٱلصَّفِ لاَ وِحْدَةُ ٱلرَّأي), والذي كان أول من أتى بِهذه العبارة هو (الحسن البنا) إمام أستاذك وقدوته؛ وذلك بصيغة أخرى حيث كان يردد في اجتماعات الإخوان المسلمين - وحقيقة أمرهم أنَّهم مفلسون- فكان يقول: (نَجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)؛ فهذا الصنف وهم المبتدعة هم من قصدهم وعناهم فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله مِمَّن أنت تعرفهم ويعرفهم أستاذك؛ السيئ منهجاً التافه أخلاقاً. وٱيْم الله إنَّه لظالِم لنفسه في توليه التوعية الإسلامية في نشاط الطلاب؛ بل وتدريسه للطلاب أيضاً لَهو ظلم آخر؛ حيث أنَّه على ما ذكرناه عنه؛ مُخالف لأئمة السنة والجماعة في كل ما قرروه في ذكر أهل البدع والضلال وذمهم والتحذير منهم ومن مُجالستهم والركون إليهم, فكيف بِكَ أنت يا من تدعي السلفية وتُجالس السلفيين وتعاشرهم وتآكلهم وتشاربُهم؛ كيف تَرْكَنُ إلى شخص حاله ما ذكرنا وما لَم نذكر؛ فما خفي كان أعظم؟!, بل وتُجَالِسُه وتنقل عنه وتُثْنِي عليه الثناء العجيب؛ من أنَّه يَعْنِي ويريد ما قصده فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله في خطبته من الحث على الأُخُوَّة والتآلف وعدم الوحشة والتنافر؟!؛ وفوق هذا وذاك؛ تتلقن عنه حجة مريضة وفِرْيَةً وبُهتاً عظيماً وترمي به إخوانك السلفيين؟!, ألا تَرَى معي أنك وقعت فيما عليه أستاذك؟!, وأنَّه لاَ يَحُكُ جِلْدَكَ مثل ظفرك؟!, ألاَ تَرَى مَعِيَ أنَّ السحر قد انقلب على
الساحر؟!, فسبحان الله العظيم!!!.
وَمَنْ يَكُنِ ٱلْغُرَابُ لَهُ دَلِيلاً يَمُرُّ بِهِ عَلَىٰ جِيَفِ ٱلْكِلاَبِ

8- ثُمَّ قال فضيلة الشيخ/ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله:
«فما بال أقوام من أهل الملة الواحدة هداهم الله؛ من تكون غاية دنياه وأكبر هَمه ومناه تتبع العثرات وتصيد الزلاّت والنفخ في الهنات الهيِّنَات والتشهير بِها عبر المجالس والمنتديات, لا يفتئون هَمْزاً؛ ولا ينفكون لَمْزاً؛ ولا يبرحون غَمْزاً, دَيْدَنُهم التشويش ومطيتهم التحريش وسجيتهم الإثارة والتهويش, قاموسهم سوء الظن, ومعاجِمهم الأذى والمن, يبادرون بالاتْهام, ويستعجلون بالجفاء والاصطلام, يكثرون الوقيعة والعتاب ولا يتورعون عن الشتائم والسباب, يطعنون إخوانَهم في الخواصر, ويصوبون سهامهم تلقاء القفا, إذا رأوك في نعمة حسدوك, وإن تواريت عنهم اغتابوك, إن يسمعوا هفوة طاروا بِها فرحاً, وما علموا من صالِح كتموا, يعملون ليل نَهار؛ على الحطِّ من الأقدار, والنيل من الكفاءات, وتشويه صورة البرآء, الأخيار النُّزَهَاء, يتحركون كالخفافيش في الظلام, ويعملون خلف الكواليس, تَنَكَّرَت منهم الوجوه والقسمات, وتغيرت البسمات, واصفرت السبحات, في الرخاء أحبة أخلاء, وفي الشدة أعداء ألداء, يستوي في ذلك الأقرباء والأصفياء, لا يلتمسون المعاذير, ويسعون لإسقاط أهل الفضل والمشاهير, يبثون
عنهم الشائعات, ويَختلقون ضدهم الوشايات».إ.هـ.
وأقول لك يا من تدعي أنَّ كلام الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله ينطبق على
(الطلاب)؛ هل غاية دنياهم وأكبر هَمِّهِم ومُنَاهُم تتبع العثرات وتصيد الزَّلاَّت والنفخ في الْهِنَات الْهَيِّنَات والتشهير بِها عبر المجالس والمنتديات؟!, أتدين الله سبحانه وتعالى بأنَّ هذا هو حال الإخوة (الطلاب)؟!, فما أراك إلا طبلاً أجوفاً يُرَدِّدُ مَا لُقِّنَ دون وعي ولا إدراك لِما يقول, وما هذا إلا نِتَاجُ جهلك وبُعدك عن العلم والعلماء, ومُجالستك لقرناء السوء عياذاً بالله؛ من المخالفين؛ المبغضين لعلماء الحق الذين يصدعون بالحق وبه ينادون ولاَ يَخافون في الله لَوْمَةَ لاَئِم؛ من علماءنا الأجلاء الذين نُكِنُّ لَهم كُلَّ تقدير واحترام في هيئة كبار العلماء وغيرهم من المشايخ الفضلاء, الذين ينادون إلى الأُخُوَّة والتآلف على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالِح, ونبذ الفرقة والعصبية؛ والحزبية البغيضة, التي أتى بِها من اقتديت بِهم وجعلتهم أسوة لك دون غيرهم من العلماء السلفيين الربانيين, وآثَرْتَهُم مَثَلاً لك واحتذيت بِهم ونَحوت نَحوهم؛ مِمن
عميت بصائرهم, ورُبَّ مبصرٍ وهو أعمى البصيرة.
ثُمَّ مَنِ الذي لا يَفْتَأُ هَمزاً ولا ينفكّ لَمزاً ولا يبرح غمزاً سوى أستاذك الذي نقلت عنه؛ ومن كان على شاكلته من الفئة الضالة الظالِمة؛ والزمرة المفتونة الفاتنة التي هي من هدمت عقول الشباب بِما يلقنونه لَهم من كلام أشياخهم الضلال, أهل التقعيد, شياطين الإنس الذين يسعون جاهدين لِهدم شباب هذا البلد وتغريبهم عن عقيدتِهم السلفية السمحة؟!, وقد رأينا نتاج فكرهم الهدَّام وما آل إليه حال الشباب الذين فتنوهم وحَرَّضُوهُم ضِدَّ ولاة أمرهم وعلمائهم, من تفجيرات مروعة واغتيالات ظالِمة, فلاَ أَحَدَ يَجهلُ أنَّ مَا قاموا به لاَ يَمُتُّ إلى الدين الإسلامي الحنيف بأيِّ صلة, وليسوا هم مِمَّن يَجْهَلُ أنَّ هذا الفعل ينافي تعاليم ديننا وعقيدتنا السلفية, فهؤلاء وأشياخهم ومن يُنَظِّرُ لَهم هم من يَجب التحذير منهم, وهم من عناهم فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله, وهم من يُحَذِّرُ منهم إخوانك (الطلاب) الذين رَمَيْتَهُم أنت بِهذه الفرية الباطلة, وهذا إن دلَّ على شيء فإنَّما يدل على سوء نية أستاذك وتلبيسه عليك الحق
بالباطل, وقَلْبِه لك حقائق الأمور.
صحيحٌ أنَّ ما دعا إليه فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله هو الحث على
التآخي والتآلف والتحذير من الوحشة والتنافر؛ ولكن على أيِّ شَيْءٍ يكون التآخي والتآلف؟! أليس على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى فهم السلف الصالِح؟!, أم أنَّ التآخي عندك هو ما عناه أستاذك على قاعدة إمامه (الحسن البنا) التي مفادها السكوت عن أهل البدع وعدم جرحهم وقدحهم, بل السكوت عن أخطائهم؟!
فسبحان الله العظيم والله المستعان على ما يصفون.
ألِهذا الحد وصل بك الأمر؟!, ألِهذه الدرجة بلغ بك الجهل؟!, ألِهذه المرحلة وصلت
بك الجرأة والسفه أن تطعن إخوانك في ظهورهم؟!, وتذمهم على غير هدى ولا حجة
إلاَّ أنك شُحِنْتَ ضدهم من ذلك الرعديد؟!.
فٱعلم هداك الله ورَدَّكَ إلى الحق والصواب رَدّاً جَميلاً؛ أنَّ الطعن في الظهور أنت من فعله بفريتك هذه على إخوانك, كما هي عادة أستاذك ومن كان على شاكلته الذين
دَيْدَنُهم التحريش والتهويش.
وأمَّا سوء الظَّنِّ؛ فٱعلم أنَّ سوء الظَّنِّ هو عادة كل سلفي في أهل البدع, وأنَّ أيَّ مبتدع يدعو إلى بدعته وحتى الذي لا يدعو إلى بدعته؛ لا يُأمنُ جانبه ولا يعامل إلاَّ بِما يظهر منه وتُوكَلُ سرائره إلى الله تبارك وتعالى, وأنَّ من أظهر لنا خيراً عُومِلَ بالمثل, ومن
أظهر لنا شراً فلا تُأْمَنُ بَوَائِقُه, ولا يُحكم عليه إلاَّ بِما ظهر منه, ولا تَنْسَ أنَّه:
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ ٱمْرِأٍ مِنْ خَلِيقَةٍ وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَىٰ عَلَىٰ ٱلنَّاسِ تُعْلَمِ

9- ثُمَّ قال فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه الله:
«يتخيرون لذلك بعض المواقع العنكبوتية بل سَمِّهَا الثعبانية الفتاكة, زاعمين بيان الحق والإصلاح؛ والواقع أنَّهم مثل الذباب يراعي موقع العلل, ولا يبالون أن يكون جَمعهم من قالة السوء والمجاهيل, أو من ثنايا مؤلفات لَم يطأها قلم التنقيح ولَمْ يَخطها يراع النسخ والتوضيح, وعلى إثر تلك الأوهام والهفوات التي تقبل التأويل والاغتفار في غدير الحسنات يكون الولاء والبراء والهجر والجفاء والود والعداء عبر التصنيف والتعصب
والتحيز والتحزب»إ.هـ.
أقول: أليس من الغريب أنَّك تزعم أنَّ هذا الكلام ينطبق على (الطلاب) في حين أن مواقعهم ومنتدياتِهم هي مَجالس الشيخين؟! -رحِم الله من مات وحفظ من بقي-, ألا ترى أنَّ المواقع والمنتديات التي قصدها وعناها فضيلة الشيخ عبد الرحْمٰن السديس حفظه
الله هي مواقع الحزبيين المبتدعين الخارجين على ولاة أمرهم.
أخي؛ لا أريد أن استطرد في سرد الخطبة كاملة, لأنَّ فيما ذكرت منها كفاية, وما بينته أرجو أن يكون قد أَدَّى الغرض, فأوصي نفسي وإياك بالصدق مع الله تبارك تعالى, والحرص على طلب العلم النافع, وأحذرك من التلوُّن, فإنَّ عواقبه مُرَّةٌ وخيمة. فما هذه إلاَّ نصيحة, وإن كان فيها نوع من الشدة إلاَّ أني أرجو أن تكون قد أَتَتْ على مَكْمَنِ الداء وباشرته, ولعلك ترجع إلى نفسك فتلومها على ما بدر منك ٱتُجاه إخوانك من افتراءك عليهم, وتستغفر الله تبارك وتعالى؛ وتعتذر منهم وتطلب العفو والصفح من الله تبارك وتعالى, والله أسأل أن يردك إلى الحق ردَّ التائبين المستغفرين الأوابين الرجَّاعين, وأن ينير بصائرنا وأبصارنا على طريق السنة بفهم السلف الصالِح, رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ, رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ.
وصلى الله على نبينا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه ومن ولاه واتبعه واقتفى آثاره واهتدى
بِهديه واستن بسنته إلى يوم الدين, وسلَّم تسليماً كثيراً.
كتبها أخوك في الله
هَادِي بِنْ قَادِرِي حُسَيْن مُحَجَّب
8 / 5 /1424هـ

ملحق طوق الأكاليل
هذا ما كنت حَرَّرته في حينه في نصيحتي لك (طوق الأكاليل), في عام أربعة وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. وكنت آمل أن تصلك في حينها, حتى تكشف لك بعض الغشاوة التي ٱعْتَرَتْكَ؛ نظراً لِبُعْدِكَ عن مواطن العلم والتعليم, وفقاً لِمنهج السلف الصالِح في أخذ العلم عن أهله.
ولكنَّ إرادة الله تعالى فوق كل شيء.
ولكنَّ الذي بدا لي - ولَم أفاجئ به- أنَّ حالك ما راح يَحدوه إلاَّ شيء يُكِنُّهُ صدرك - الله به عليم- نَحو منحدرٍ خطير؛ ومزلقٍ حاد, ذلك بعد ما صَدَرَ منك إِبَّانَ جلستنا التي كنَّا جلسناها بِمجلس الأخ الفاضل (!) - حفظه الله- ورعاه في ليلة الخميس الموافق للسابع والعشرين من شهر الله الْمُحرَّم من عامنا هذا الثامن والعشرين بعد الأربعمائة وألف للهجرة النبوية صلوات ربي وسلامه على صاحبها. عاد بك لسان حالك ومقالك ليظهر لنا بكلِّ جلاء ووضوح مدى ومقدار الثورة والغليان اللذان يَختلجان بصدرك؛ على إخوانك طلاب الشيخين رحِم الله من مات وحفظ من بقي حين قلتَ -وكثيرٌ من قولك أُعِفُّ لساني عن التفوه به-: (أنَّ سُمْعَةَ
الشيخين ما شَوَّهَهَا إلاَّ طُلاَّبُهما), وغير هذا كثير يأتي إن شاء الله تعالى.
ولولاَ مَنْزِلَةُ صاحب المجلس وقدره عندي؛ لرأيتَ مِنِّي تعاملاً لَم تكن تألفه مِنِّي قبل, لأنَّه تعالى جَبَلَ أناساً على كراهة أصحاب التَلَوُّن, وما العبد الفقير إلاَّ واحداً مِمَّن يكرهون أصحاب التَّلَوُّن؛ نسأل الله أن يعافيك مِمَّا ابتلاك به, والحمد لله تبارك وتعالى الذي عافانا مِمَّا ابتلاك به, وقد بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم خطورة ذي الوجهين بقوله: «تَجِدُ مِنْ شَرِّ ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عِنْدَ ٱللهِ ذَا ٱلْوَجْهَيْنِ ٱلَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ
وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ»(1).
ــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري في صحيحه بالأرقام (7179,6058,3494). ومسلم برقم (2526).


وقد أخبرني من كنت تكلَّمتَ عندهم بِهذا الأمر أنَّك افتريتَ علَيَّ مرتين, مرة بقولك أنِّي قلتُ عمن قال: «أنَّ المبتدع لا يقال عنه مبتدع حتى يتوفاه الله؛ فيُنْظَر بِمَ ختم الله له» أنِّي قلتُ عنه مبتدع, وهذه فرية افتَرَيْتَها علَيَّ, ويعلم الله أنِّي ما قلتُ هذا؛ وأنت تعلم كذلك أنِّي ما قلته, ولكنِّي قلتُ أنَّه أخطأ بِهذا القول, وهذا حقٌّ؛ إذ لَم يقل أحدٌ من أهل العلم بِهذا القول؛ لا من المتقدمين ولا من المتأخرين ولا من القرون
المفضَّلَة.
والفرية الثانية هي قولك عندما سُئِلْتَ: من قال عن هذا القائل أنَّه مبتدع؟ فقلتَ: «صاحبُ هوى», وأنا والله ما جعلتك في حِلٍّ يوم العرض على الله, ومثلك يعلم أنَّه لابُدَّ من القِصَاص, كما في الحديث عن أبي هريرة، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لَتُؤَدُّنَ ٱلْحُقُوقُ إِلَىٰ أَهْلِهَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ, حَتَّىٰ يُقَادَ لِلشَّاةِ ٱلْجَلْحَاءِ مِنَ ٱلشَّاةِ
ٱلْقَرْنَاءِ»(1).
فها أنا ذا أعطيكها مرفقة مع النصيحة الثانية (الرد الجري)؛ فإمَّا أن تعتذر عمَّا بدر منك ٱتُجاه إخوانك؛ وتقولَ جاهلٌ أزرى به جهله, أو تكونَ كمن فتح على نفسه كُوَّةً
لا سبيلَ له إلى غلقها.
سائلاً الله تعالى أن ينفعك بِها, وأن يهدِيَ قلبك وقلوبنا للتي هي أقوم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه أجْمعين

ــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم في البِرِّ والصلة الآداب, باب تَحريِم الظلم.


الرَّدُّ الجري على المفتري المجتري
إنَّ الحمد لله؛ نَحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ مُحَمَّداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم تسليماً كثيراً.
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ (آل عمران:102), يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (النساء:1), يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (الأحزاب:71),... أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله, وخيرَ الهدي هديُ مُحمد  , وشرَّ الأمور
مُحدثاتُها, وكلَّ مُحدثة بدعة, وكلَّ بدعة في ضلالة, وكلَّ ضلالة في النَّار.
مِنْ جديد يَأْبَىٰ كُلُّ رويبضة إلاَّ أن يرغم أنفه فيما ليس له به علم, فها قد مضت أربعٌ من السِّنِيِّ أو قريبٌ منها منذ أن طَوَّقْتُك أخي المَعْنِيَّ بالكلام بـ(طوق الأكاليل)؛ الذي ما إخاله وصلك؛ وحتى إن وصلك فما أظنُّك قبلُ وبعدُ سترعوي عن تَماديك في
أعراض إخوانك طلبة الشيخين رحِم الله من مات وحفظ من بقي.
فإذ أصفك مُجْتَرِئاً هذه المرة؛ فلكون سابقتها كانت في القفا؛ أمَّا الحالَّةُ مَرَّتَنَا هذه فلكونِها صريِحة وجهاً لوجه؛ وبِحضرة الثقات - أَحْسِبُهم هكذا وحسيبهم الله تعالى ولا أزكي عليه تبارك وتعالى أحداً- وهنا الفرق البائن, وإن كنتَ قد أنكرتَ سابقتها - كما
هي عادة أهل التَّلَوُّن- فالمرة لات حين مناص.
وإذ أصفك مفترياً هذه المرة؛ فالحق أقول أنَّها قليلة في حَقِّكَ نسبةً إلى ما رميتَ
به إخوانك لو فَقِهْتَ معناها كلمةً أنت راميهم بِها.
فاعلم أنِّي قد حادَثْتُكَ أخي بتلميحٍ وتعريض؛ بغية الإخلاص والتمحيض, لكنْ إذا لَمْ يكن عن الكي بدٌّ؛ فلم يبقَ إلا التصريح مِثْلاً بِمِثْل, ونصحاً إزاء قبح, ومن الغبن ألاَّ
أُمَحِّضَكَ النصح.
أمَّا مُخَاطِبُكَ أخي؛ فلا يأبه حيال مَلاَصِقِكَ فيه من قليلٍ أو كثير؛ بِحَقٍ أو باطل,
لأنَّ ما بينك وبينه إلاَّ مِثْلَ المتنبي في قوله:
وإذا أتتك مذمَّتي من ناقصٍ...؛ ومن ثَمَّ اللبيب بالإشارة يفهم.
وقول الشاعر أيضاً:
هاعٍ يُمَظِّعُني ويُصْبِحُ سادِراً سَدِكاً بلَحْمِي ذِئْبُه لاَ يَشْبَعُ

وقد يَسألُ سائل فيقول: قد نعلمُ كيف يكون إلصاقُ باطلٍ بالغير كثيراً أو قليلاً,
فكيف بالحق إلصاقاً بالغير؟!.
أقول: - تَنَزْلاً إنْ كان ما قد قيل على حد زعم القائل صحيحاً - تَعَمُّدُ ترك النصيحة إن صَدَرَ مِنِّي ما يستوجبها - والكامل الله تبارك وتعالى-, انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم: «ٱلدِّينُ ٱلنَّصِيحَةُ», وقوله صلى الله عليه وسلم: «ٱنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً» الحديثان, ثُمَّ الْمَيْلُ إلى القيل والقال؛ والتسلي بِهَا, فهذا صنيعٌ لا يَحسنه إلاَّ التافه من الناس؛ قد يوغِرُ القلوب, إذ ما من عبد إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الرحْمٰن يقلبه كيف يشاء؛ ولكنْ نعوذ بالله من بواعثِ الغلِّ والأحقاد والضغائن؛ وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإيِمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ
لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (الحشر:10).
وأَصُونُها نفسي عن مُجاراتك في خلق دنيء, وكان الواجب عليك صون نفسك
عن ذلك أيضاً, ولكن صدق القائل إذ يقول:
قَدْ ضَلَّ مَنْ كَانَتِ ٱلْعُمْيَانُ تَهْدِيه.

وكان الحديث قد تركز حول موضوعات كثيرة من أهَمها ما يلي:
أولاً: كنَّا قد تكلمنا على مسألة تعيين الأئمة في الحرمين الشريفين؛ وشروط
التعيين هناك, فذكر لي بعض الإخوة الحاضرين في المجلس أنَّه لا يشترط في المتقدم أنْ يكون من حَملة الشهادات العالية, فقلت من باب السؤال والاقتراح في ذات الوقت: (المهم أنَّ اللجنة القائمة على التعيين تشترط أو تنظر إلى كون المتقدم صاحب عقيدة
سلفية), فباشرتني الكلام بقولك: (كلُّ أئمة الحرمين سلفيين وما أحد يطعن في
عقيدتِهم).
سبحان الحيِّ القيوم؟!!. وإنِّي لأسألك الآن وكما قلت لك حينها؛ هل تفهم من كلامي أنِّي أطعن في أئمة الحرمين؟! فإمَّا أنَّك صاحب فهم متبلِّد, وإمَّا أنَّك صاحب طَوِيَّةٍ خبيثة, وإنِّي أحيل الحكم إلى الله علاَّمِ الغيوب يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ (غافر:19)؛ وهو خالق الناس جَميعاً والعليم بِما في أنفسهم؛ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ (هود:31)؛ ثُمَّ إلى القارئ الكريِم إنْ كان فهم من كلامي أنِّي أطعن في أئمة
الحرمين أم لا.
أمَّا الذي دعاني إلى اقتراح أنْ تشترط اللجنة المشرفة على تعيين أئمةٍ للحرمين الشريفين أنْ يكون المتقدم سلفي العقيدة؛ هو أنَّ المتقدم بَشَرٌ كغيره من البشر من أهل الإسلام, فقد يَحمل الخير من عقيدة أهل السنة والجماعة, وقد يَحمل من المفاهيم الخاطئة ما الله به عليم - والله أعلم بسرائر الناس وضمائرهم- كما هو حال كثير مِمَّن ينتسبون إلى العلم, فلا بأس بأنْ يَمرَّ على لَجنة تفحص عقيدته وتعاين مفاهيمه؛ خاصة
إذا كانت اللجنة مكونة من أهل العلم الربانيين السلفيين.
فما عليك لو كنت أطبقت فاك على جهلك وقلة فهمك, وقُلْتَ لنفسك: «السلامةُ
في سكوتي», بدلاً من التباهي بِهذه الآفة عافانا الله وإيَّاك منها.
وأنت تعلم علم اليقين - وأَحْسِبُكَ من أهل الفهم لِمعاني كتاب الله - أنَّ أنبياء الله ورسله - صلوات الله وسلامه عليهم أجْمعين- استعاذوا بالله من الجهل؛ وأنَّ الله أعاذ أنبياءه ورسله من الجهل؛ فقال جلَّ من قائل على لسان موسى عليه الصلاة والسلام: أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ (البقرة:67), وقال تبارك وتعالى لنبيه نوح عليه الصلاة والسلام: فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ (هود:46), وقال لنبيه مُحمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه: وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ (الأنعام:35), فكان حَرِيٌّ بك أن تصون نفسك عن أنْ تَتَّصِفَ بِهذه الصفة الذميمة وهي صفة نقص كما يعلم الجميع؛ وإلاَّ لَما ورد ذكرها في الكتاب العزيز على صفة التنفير منها ومن الاتصاف بِها, وأنا إذ أصفك بِها وأسأل الله أن يعافيك منها؛ فلا أصفك بِها مُجازفة؛ ولا أصفك إلاَّ بِما ظهر لي منك؛ وأمَّا طويتك فلا سبيل لي إلى معرفتها, لذلك وصفتك بِما ظهر منك, والسرائر مردُّها إلى الله
تبارك وتعالى.
وما مثلي ومثلك في هذا إلاَّ كمثل الخليل بن أحْمد حين قال لابنه:
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ عَذَرْتَنِي أَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ عَذَلْتُكَ
لَـٰـكِنْ جَهِلْتَ مَقَالَتِي فَعَذَلْتَنِي وَعَلِمْتُ أنَّكَ جَاهِلٌ فَعَذَرْتُكَ.

والمسألة الثانية: ثناؤك على قوم ما إخالك تَجهل حالَهم, واعتراضك عليَّ بأنْ تظهر حقائقهم وأنت تعلم أنَّ في المجلس من يَجهل حالَهم. فتأمل هداك الله وأصلح بالك؛ من الناصح ومن الغاش لإخوانه, وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا» وفي رواية «مَنْ غَشَّنَا», ثُمَّ اعتراضك عليَّ أنَّىٰ يكونُ لِيَ أنْ أصنِّفَ فلاناً كذا وفلاناً كذا؟! وأنا كما يعلم الله لا أريد فرض نفسي كمصنف للناس؛ إذ الأولى بكلِّ مسلم أنْ يتشاغل بعيوبه عن عيوب غيره, لكنْ عندما يصل الأمر إلى أن يزكي مثلك من جرحهم كبار علمائنا؛ خاصةً وأنَّ مِنَ الحاضرين من يَجهل حالَهم فأنت بِهذا الصنيع تكون عوناً للباطل على الحق؛ ومن هنا كان واجباً على من عرف بطلان قولك ألاَّ يسكت, بل يبين كلام أهل العلم فيمن زكيتهم في حينه, وإلاَّ كان غاشاً لَهم كما غششتهم أنت عندما
زكيت من تعلم سوء حالِهم, أمْ أنَّ الطيور على أشكالِها تقع.
أمَّا إصرارك على القدح في إخوانك؛ فهو ليس بِجديد عليك, فأنت دائماً كما
عرفتك؛ وكما تصلني أخبارك؛ شديد القدح والطعن في إخوانك جَرْياً على عادة أهل
التَّلَوُّن, بَيْنَمَا تُصَانِعُهُم بوجه غير الوجه الذي تُكِنُّهُ لَهم؛ يا سَلَفِيُّ - زَعَمْتَ - .
وَإِذْ قَدَحْتَ في إخوانك من طلبة الشيخين بقولك: (أنَّه مَا شَوَّهَ سُمعةَ الشيخينِ إلاَّ
طَلَبَتُهُم), فأقول لك: قد كذبت وافتريت؛ وطعنت في الشيخين من حيث لا تعلم.
أمَّا عند طلبة العلم السلفيين فصورة طلاب الشيخين رحِم الله من مات وحفظ الله من بقي, فهي هي بِحول الله وقوته, لَم تتبدل ولن تتغير بإذن الله تبارك وتعالى؛ نَحسبهم أنَّهم على الخير بِمَنِّه وتوفيقه تبارك وتعالى, أمَّا عند من كان على شاكلتك في الجهل وقلة الفهم فهذا أمر طبيعي, فثَمَّ فرق بين من يُجالس العلماء الربانيين السائرين على كتاب الله وسنة رسوله  بفهم السلف الصالِح؛ وبين من يُجالس الزَّمْنَى والحمقى
ورُوَّاد القيل والقال.
بَيْدَ أَنَّا لاَ نَدَّعِي العصمة ولاَ الكمال لأَحدٍ أبداً؛ ولاَ يكون انْحرافُ أحدٍ عن المنهج السلفي دليلاً على انْحراف السلفيين عن الحق, لأنَّ الثبات من عند الله تبارك وتعالى يؤيِّدُ
بنصره من يشاء.
وإذ أقول أنَّك طعنت في الشيخين فهذا قد وقع فعلاً, لأنَّ القدح في طلابِهما قدحٌ فيهما وفي أسلوبِهما في تربيتهما لطلابِهما, وهذا تالله لَهو قاسِمة الظهر؛ حينما يُأْتَى
الْمَرْأُ من تلقاء نفسه.
والثالثة من المسائل: ويا لِهولِها من مصيبة -فقد كَبَّرْتُ عليك أربعاً في حينها-؛ وهي إخراجك من جوالك مقطعاً للمغنية (أم كلثوم) وهي تقرأ القرآن, وهذه لعمر الله لَهِيَ ثالثة الأثافي. ما كنت لأصدقها لولا أنِّي رأيت بعيني وسَمعت بأذني أنَّ مثلك مِمَّن يُنَصِّبُ نفسه كطُوَيْلِبِ علم يصدر منه هذا الفعل. وليتك كنت مِمَّن يَجهلون حال هذه المرأة -التي كانت تُحيي لياليها في معصية الرحْمن- لكنت عذرتك والله, ولكن مع الأسف لَم يكن أحدٌ من الحاضرين يَجهلها أو يَجهل حالَها, وإلاَّ لكان الأمر أهون, ألَم تعلم بأن صوت المرأة عورة يا أخي؟!, بلى لا شك أنَّك لا تَجهل ذلك, فما الذي حَملك على تَحميل صوت امرأة -كان حالُها ما ذكرنا- في جوالك, وإن كانت تقرأ القرآن الكريِم؟!!, أتُرَاكَ قد فتنكَ الشيطانُ بِصوتِها؟!!, ألَم تُثبت لكل من كان حاضراً في تلك الليلة أنك جاهلٌ جهلاً مركباً وتظنُّ نفسك على شيء ولا حول ولا قوة إلاَّ
بالله.
سبحان الحي القيوم!! سبحان ذي الملكوت والجبروت!!, سبحان الذي لا تأخذه
سنة ولا نوم!!.
ألَم تقرأ ما أورد شيخنا الشيخ أحْمد بن يَحيى النجمي رحِمه الله في رسالته (تنْزيه
الشريعة عن إباحة الأغاني الخليعة) مِمَّا كُتِبَ في شأن هذه المرأة, حيث أورد بضع أبيات
لِحسن بن علي القاضي وهو يقول ضمن هذه الأبيات:
مَنْ أُمُّ كُلْثُومَ هَذِي أَنْتَ تَبْكِيهَا وَمَنْ بِهَا كَلِفٌ إِيَّاهُ تَنْعِيهَا
مَضَتْ بِمَا قَدَّمَتْ وَﭐللَّهُ سَائِلُهَا عَنِ ﭐلَّذِي كَانَ يَجْرِي فِي نَوَادِيهَا
إِنَّ ﭐلتُّرَاثَ ﭐلَّذِي أَبْقَتْ لَكُمْ فَلَكَمْ أَشْقَىٰ ﭐلْبِلاَدَ وَأَشْقَاكُمْ وَيُشْقِيهَا
كَمْ غَادَةٍ خَلَعَتْ ثَوْبَ ﭐلْحَيَا وَغَدَتْ فِي حُضْنِ مَسْعُورٍ تُغْوِيهِ وَيُغْوِيهَا
صَرْعَىٰ عَلَىٰ نَغَمَاتِ ﭐلنَّايِ قَدْ ذَهُلَتْ كَدُمْيَةٍ بَصَقَ ﭐلشَّيْطَانُ فِي فِيهَا
مَنْ قَالَ إِنَّ ﭐلَّذِي أَسْدَتْ لأُمَّتِهَا مَجْداً فَقَدْ قَالَ بُهْتَاناً وَتَمْوِيهَا
هَبْهَا بَنَتْ جَيْشَ مِصْرَ مِنْ مَكَاسِبِهَا أَوِ ﭐلأَرَامِلَ قَدْ بَاتَتْ تُوَاسِيهَا
أَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَرَامٍ كُلُّ مَا جَمَعَتْ وَأَنْتَ بِالشِّعْرِ تَرْجُو أَنْ تُزَكِّهَا

وآخر المسائل؛ كان سؤالي لك عن أسباب بعدك عن طلب العلم؛ وأنت قد وَسَّعَ الله عليك بالمركب وقُرْبِ العلماء وسهولة وصولك إليهم, فأجبتني - وليتك لَم تقل ما قلت حين قلته غير مبالٍ ولا آبهٍ لِمَا تقول- فقلت: «أنَّك مشغول بِخدمة أهلك ومنافعهم». ويا له من عذر باهتٍ كبهوت ألوان أصحاب التَّلَوُّن إن كان لَهم لون يثبتون عليه أصلاً. إذ ما من شخص أعرفه يَحضر دروس الشيخين ومَجالسهما إلاَّ وهو
ذو شغل وذو أسرة ما بين متزوج وأعزب, ولكنَّ الْهِمَمَ متغايرة.
ولك أن تعلم بقول المرتَجِزِ حين قال:
ٱلْعِلْمُ نُورٌ وَضِيَاءٌ يُقْتَبَسْ صَاحِبُهُ مُقَدَّمٌ حَيْثُ جَلَسْ
لاَ يَسْتَوِي ضَوْءُ ٱلنَّهَارِ وَٱلْغَلَس شَتَّانَ مَا بَيْنَ ٱلْحِمَارِ وَٱلْفَرَسْ


ولا أطيل عليك بغية عدم تَمَلُّلِكَ, لأنَّ مثلك لا صنعة له في العلم, ومن لا صنعة
له في العلم كان سريع التَّمَلُّلِ والتَّضَجُّر.
وأقول لك:
يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ وَٱلْجِسْمُ عَرْيَانُ خَاطَتْ مَلاَبِسَهَا وَٱلْخَيْطُ نَقْصَانُ
خَلُقَتْ ذَوَائِبُهَا فَاسْتَظْهَرَتْ جِيَفٌ بَانَتْ مَعَايِبُهَا فَٱلْحَالُ خُسْرَانُ

وصلى الله على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه ومن ولاه واتبعه واقتفى آثاره
واهتدى بِهديه واستن بسنته إلى يوم الدين, وسلَّم تسليماً كثيراً.

كتبها أخوك في الله
هَادِي بْنُ قَادِرِي بْنُ حُسَيْن بْنُ مُحَجَّب
27/1/1428هـ
إقرأ المزيد Résuméabuiyad

ترجمة الشيخ أحمد النجمي

بقلم تلميذه محمد بن هادي المدخلي

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئآت أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
((فإن للعلماء علينا من الحقوق ما بتركه يتم العقوق، ومن رعايتها: ضبط أحوالهم الشريفة، وتدوين مناقبهم المنيفة، وتخليد محاسنهم في بطون الأوراق، والمحافظة على حفظ نتائج أفكارهم() التي هي من أنفس الأعلاق، ومن ذلك:
تعظيمهم باللسان، والجنان، والأركان، وعدم التعرض لما يؤذيهم بالدخول في أعراضهم الجميلة، والاستهانة بمناقبهم الجزيلة الجليلة، والتقعد لهم بمراصد الاستخفاف، والتنصب لهم بمنصة الخلاف.
وقد ورد في الآيات الفرقانية، والأحاديث النبوية، والآثار المصطفوية، ما يقتضي النهي عن ذلك وتتخطى بمن عمل به أيمن المسالك))().
وممن له علينا هذا الحق شيخنا العلامة الشيخ: أحمد بن يحيى النجمي ـ حفظه الله ـ فقد انتفعنا بعلمه كثيراً فجزاه الله عنا أفضل الجزاء.
وقد كثر الطلب من الإخوة المحبين للشيخ في كتابة نبذة ولو مختصرة عنه وعن حياته الذاتية والعلمية، وألحُّوا علي في ذلك غاية الإلحاح، وأنا أتهرب من ذلك، واعتذر دائماً إليهم، لعلمي بالعجز والقصور لدي، ولكن كل ذلك لم يفد شيئاً ولم يعذرني منهم أحد، فلما رأيت ذلك منهم استعنت بالله تعالى وحده في كتابة هذه النبذة المختصرة عن شيخنا ـ حفظه الله تعالى.
فأقول:
اسمه ونسبه:
هو شيخنا الفاضل العلامة، المحدث، المسند، الفقيه، مفتي منطقة جازان حالياً، وحامل راية السنة والحديث فيها الشيخ أحمد بن يحيى بن محمد بن شبير النجمي آل شبير من بني حُمَّد، إحدى القبائل المشهورة بمنطقة جازان.
ولادته:
ولد الشيخ ـ حفظه الله ـ بقرية النجامية في الثاني والعشرين من شهر شوال عام ستة وأربعين وثلاثمائة والف للهجرة النبوية، 22/10/1346هـ ونشأ في حجر أبوين صالحين ليس لهما سواه.
ولهذا فقد نذرا به لله ـ أي لا يكلفانه بشئ من أعمال الدنيا ـ وقد حقق الله ما أرادا.
فكانا محافظين عليه محافظة تامة، حتى إنهما لا يتركانه يلعب بين الأولاد ولما بلغ سن التمييز أدخلاه كتاتيب القرية فتعلم القراءة والكتابة وقرأ القرآن في الكتاتيب الأهلية قبل مجئ الشيخ عبدالله القرعاوي ـ رحمه الله ـ ثلاث مرات آخرها في العام (1358هـ) الذي قدم فيه الشيخ القرعاوي.
حيث قرأ القرآن أولاً على الشيخ عبده بن محمد عقيل النجمي عام 1355هـ، ثم قرأ أيضاً على الشيخ: يحيى فقيه عبسي وهو من أهل اليمن وكان قد قدم على النجامية وبقي بها ودرس عليه شيخنا في عام 1358هـ ولما قدم الشيخ عبدالله القرعاوي، حصلت بينه وبين هذا المعلم مناظرة في مسألة الاستواء ـ وكان أشعرياً ـ فهزم، وهرب على إثر ذلك {وقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين}.

نشأته العلمية:
وبعدما هرب مدرسهم الأشعري تردد الشيخ مع عمَّيه الشيخ حسن بن محمد، والشيخ حسين بن محمد النجميين على الشيخ عبدالله القرعاوي في مدينة صامطة أياماً ولكنه لم يستمر، وكان ذلك في عام (1359هـ) وفي عام (1360) وفي صفر بالتحديد التحق شيخنا بالمدرسة السلفية وقرأ القرآن هذه المرة بأمر الشيخ عبدالله القرعاوي ـ رحمه الله ـ على الشيخ عثمان بن عثمان حملي ـ رحمه الله ـ حيث قرأ عليه القرآن مجوداً وحفظ (تحفة الأطفال) و (هداية المستفيد) و(الثلاثة الأصول) و (الأربعين النووية) و (الحساب) وأتقن تعلم الخط.
وكان يجلس في الحلقة التي وضعه الشيخ فيها إلى أن يتفرق الطلبة الصغار بعد صلاة الظهر، ثم ينظم إلى الحلقة الكبرى التي يتولى الشيخ عبدالله القرعاوي تدريسها بنفسه فيجلس معهم من بعد صلاة الظهر إلى صلاة العشاء، ثم يعود مع عميه المذكورين سابقاً إلى قريته (النجامية).
وبعد أربعة أشهر أذن له الشيخ عبدالله القرعاوي ـ رحمه الله ـ أن ينضم إلى هذه الحلقة ـ حلقة الكبار ـ التي يدرسها الشيخ بنفسه، فقرأ على الشيخ فيها: (الرحبية) في الفرائض، و(الآجرومية) في النحو، و(كتاب التوحيد) و(بلوغ المرام) و(البيقونية)، و(نخبة الفكر) وشرحها (نزهة النظر)، و(مختصرات في السيرة)، و(تصريف الغزي)، و(العوامل في النحو مائة)، و(والورقات) في أصول الفقه، و(العقيدة الطحاوية) بشرح الشيخ عبدالله القرعاوي، قبل أن يروا شرح ابن أبي العز عليها، ودرس أيضاً شيئاً من (الألفية) لابن مالك، و(الدرر البهية) مع شرحها (الدراري المضية) في الفقه، وكلاهما للشوكاني ـ رحمه الله ـ وغير ذلك من الكتب سواء منها ما درسوه كمادة مقررة كالكتب السابقة أو ما درسوه على سبيل التثقف لبعض الرسائل والكتب الصغيرة، أو كانوا يرجعون إليه عند البحث كـ (نيل الأوطار) و (زاد المعاد) و (نور اليقين) و (الموطأ) و (الأمهات).
وفي عام (1362هـ) وزع عليهم الشيخ عبدالله ـ رحمه الله ـ أجزاء الأمهات الموجودة في مكتبته وهي: (الصحيحين) و (سنن أبي داود) و (سنن النسائي) و (موطأ الإمام مالك) فقرؤا عليه فيها ولم يكملوها؛ لأنهم تفرقوا بسبب القحط.
وفي عام (1364هـ) عادوا فقرؤا عليه ثم أجازه الشيخ عبدالله ـ رحمه الله تعالى ـ برواية الأمهات الست.
وفي عام (1369هـ) درس على الشيخ إبراهيم بن محمد العمودي ـ رحمه الله ـ قاضي صامطة في ذلك الوقت كتاب إصلاح المجتمع، وكتاب الشيخ عبدالرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ في الفقه المرتب على صيغة السؤال والجواب واسمه: (الإرشاد إلى معرفة الأحكام).
كما درس على الشيخ على بن الشيخ عثمان زياد الصومالي بأمر من الشيخ عبدالله القرعاوي ـ رحمه الله ـ في النحو كتاب (العوامل في النحو مائة) وكتب أخرى في النحو والصرف.
وفي عام (1384هـ) حضر في حلقة الشيخ الإمام العلامة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله لمدة تقارب شهران في التفسير في (تفسير ابن جرير الطبري) بقراءة عبدالعزيز الشلهوب كما حضر في العام نفسه في حلقة شيخنا الإمام العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ حفظه الله ـ لمدة شهر ونصف تقريباً في صحيح البخاري بين المغرب والعشاء.

شيوخه:
مما مضى يتبين لنا شيوخه ـ حفظه الله ـ وهذا ترتيبهم:
1 ـ الشيخ إبراهيم بن محمد العمودي ـ قاضي صامطة في حينه.
2 ـ الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي ـ رحمه الله.
3 ـ الشيخ العلامة الداعية المجدد في جنوب المملكة عبدالله القرعاوي ـ رحمه الله تعالى ـ وبه تخرج الشيخ أحمد، فهو أكثر شيوخه إفادة له.
4 ـ الشيخ عبده بن محمد عقيل النجمي.
5 ـ الشيخ عثمان بن عثمان حملي.
6 ـ الشيخ علي بن الشيخ عثمان زياد الصومالي.
7 ـ الشيخ الإمام العلامة مفتي البلاد السعودية السابق محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله.
8 ـ الشيخ يحيى فقيه عبسي اليمني.
تلاميذه :
ولشيخنا ـ حفظه الله تعالى ـ كثير وكثير من التلاميذ ، فمن أمضى مثل هذه المدة في التدريس التي تقارب النصف قرن، كم يتصور أن يكون تلاميذه، ولو ذهبت أعددهم لاحتجت إلى مجلد ضخم؛ وإنما أذكر نموذجاً يستدل به على الباقين فمنهم :
1 ـ شيخنا العلامة المحدث ناصر السنة الشيخ ربيع بن هادي .
2 ـ شيخنا العلامة الفقيه زيد بن محمد هادي المدخلي .
3 ـ شيخنا العالم الفاضل علي بن ناصر الفقيهي .
وإنما اكتفيت بذكر هؤلاء الثلاثة لشهرتهم في الأوساط العلمية، فلا يعتب علينا أحد .
ذكاؤه ـ وفقه الله ـ :
يتمتع الشيخ بدرجة من الذكاء عالية جداً وهاك قصة تدل على ذكائه وحافظته منذ صغره ـ حفظه الله:
يقول العم الشيخ عمر بن أحمد جردي المدخلي ـ وفقه الله:
((لما كان الشيخ أحمد يحضر مع عميه حسناً وحسيناً النجميين إلى المدرسة السلفية بصامطة ـ أي في عام ـ 1359هـ ـ وعمره آنذاك 13 سنة كان يسمع الدروس التي يلقيها الشيخ عبدالله القرعاوي على تلاميذه الكبار، وكان يحفظها حفظاً)).
قلت: وهذا هو ما جعل الشيخ عبدالله القرعاوي يلحقه بحلقة الكبار الذين كان الشيخ يتولى تدريسهم بنفسه؛ لأنه رأى نجابته وسرعة حفظه وذكائه.

أعماله:
عمل شيخنا ـ حفظه الله ـ مدرساً بمدارس شيخه القرعاوي ـ رحمه الله ـ احتساباً، وعندما بدأت الوظائف عين مدرساً بقريته (النجامية) وكان ذلك في عام 1367هـ، وفي عام 1372هـ نقل إماماً ومدرساً في قرية (أبو سبيلة) في (بالـحُرَّث)، وفي عام 1374هـ وفي 1/1/1374هـ بالتحديد عندما فتح المعهد العلمي في (صامطة) عين مدرساً به حتى عام 1384هـ حيث استقال من التدريس بالمعهد على أمل أن يدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وسافر إليها؛ لكن حصلت له ظروف حالت دون ذلك، فعاد إلى المنطقة وكتب الله له التعيين واعظاً مرشداً بوزارة العدل بمنطقة جازان فقام بالوعظ والإرشاد أحسن قيام.
وفي عام (1387هـ) وبالتحديد في 1/7 منه عاد مدرساً بالمعهد العلمي بمدينة (جازان) حسب طلبه، وفي ابتداء الدراسة عام 1389هـ عاد إلى التدريس بمعهد (صامطة) وبقي به مدرساً حتى أحيل على التقاعد في 1/7/1410هـ.
ومنذ ذلك الحين إلى كتابة هذه الأسطر، وهو مشتغل بالتدريس في بيته والمسجد المجاور له ومساجد أخرى في المنطقة في دروس أسبوعية مع القيام بأمر الفتوى.
وهو في هذا كله قد عمل بوصية شيخه له في مداومته على التعليم والمحافظة على المتعلمين وخاصة الغرباء والمنقطعين منهم، وله ـ حفظه الله ـ على ذلك صبر عجيب، فجزاه الله عنا خيراً.
وقد عمل أيضاً بوصية شيخه القرعاوي ـ رحمه الله ـ فواصل الدراسة والبحث والاستفادة، وخاصة في علمي الحديث والفقه وأصولهما حتى فاق أقرانه وأصبح له في ذلك اليد الطولى، بارك الله في عمره وعلمه ونفع بجهوده.

آثاره العلمية:
لشيخنا ـ حفظه الله ـ آثار علمية كثيرة بعضها طبع وبعضها لم يطبع، نسأل الله تعالى أن ييسر طبعه حتى يحصل الانتفاع به ومن ذلك:
1 ـ أوضح الإشارة في الرد على من أباح الممنوع من الزيارة.
2 ـ تأسيس الأحكام شرح عمدة الأحكام ـ طبع منه جزء صغير جداً جداً.
3 ـ تنزيه الشريعة عن إباحة الأغاني الخليعة.
4 ـ رسالة الإرشاد إلى بيان الحق في حكم الجهاد.
5 ـ رسالة في حكم الجهر بالبسملة.
6 ـ فتح الرب الودود في الفتاوى والردود.
7 ـ المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال.
وغير ذلك من المؤلفات النافعة التي قدمها للمسلمين جزاه الله خير الجزاء ونفع به الإسلام والمسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه تلميذه
محمد بن هادي بن علي المدخلي
المحاضر بكلية الحديث بالجامعة
الإسلامية بالمدينة النبوية
إقرأ المزيد Résuméabuiyad

ترجمة الشيخ زيد المدخلي

ترجمة الشيخ / زيد المدخلى حفظه الله
 هو الشيخ الفاضل والعالم الجليل / زيد بن محمد بن هادى المدخلى ، ولد بقرية الركوبة عام 1357هـ ، نشأ بها وبدأ الدراسة بها ، ثم التحق بمدرسة سامطة السلفية ، وفى عام 1368 هـ لحق بالشيخ حافظ في بيش وقرأ عليه مع الطلاب المغتربين ، وعندما فتح المعهد العلمي في سامطة التحق به وتخرج منه عام 1379/1380 هـ فالتحق بكلية الشريعة بالرياض ومنها تخرج عام 83/1384 هـ . عين مدرساً بالمعهد العلمي في سامطة قبل تخرجه ومازال يدرس به حتى أحيل للتقاعد في 1/7/1417هـ . أنشأ أول مكتبة سلفية خيرية في مدينة سامطة عام 1416هـ تضم ما يزيد على 4000كتاب ،جعلها في خدمة طلاب العلم الذين يأوون إليها من كل مكان . لا يخلو مجلسه من طالب علم يطلب العلم على يديه ، أو مستفت يطلب الإجابة على فتواه ، وله مشاركات في الدعوة إلى الله في منطقة جازان وفي أيام الحج ، ودروسه لا زالت مستمرة والحمد الله حيث يقرأ عليه في المختصرات والمطولات ، وله دروس عبر الهاتف لمناطق شتى ودول مختلفة . يعد الرجل الثاني في منطقة جازان في العلم والفتوى والدعوة إلى الله بعد شيخه العالم الفاضل / احمد بن يحي النجمي رحمه الله . وله ميل إلى التأليف ومن مؤلفاته المطبوعة : 1- الحياة في ظل العقيدة الإسلامية . 2- الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة (1-8) . 3- شرح القصيدة الهائية لشيخه حافظ الحكمى رحمه الله . 4- الأفنان الندية شرح السبل السوية لفقه السنن المروية (1-7) . 5- المنهج القويم في التأسى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم . 6- مجموعة رسائل . 7- قطوف من نعوت السلف . 8- الإرهاب وآثاره على الأفراد والمجتمع . 9- المنظومات الحسان والديوان المليح (1-2) . 10- الجهد المبذول في تنوير العقول بشرح منظومة وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول ( 1-3) 11- أسباب استقامة الشباب وبواعث انحرافهم . 12- وجوب ستر الوجه والكفين . هذه الترجمة الموجزة .
إقرأ المزيد Résuméabuiyad